ثقافة ومجتمع
18 كانون الأول 2018, 14:00

في اليوم الدّوليّ للمهاجرين..

ريتا كرم
اليوم، وفيما يومض نور ميلاد الرّبّ يسوع في أفق أظلمته المآسي ليسطع أكثر فأكثر كلّما اقتربنا من العيد المنتظر، يحلّ اليوم الدّوليّ للمهاجرين فيذكّرنا بمن قست عليهم الحياة وحملتهم على دروب الهجرة، حاملين في قلوبهم وعقولهم ذكريات الماضي، حالمين بمستقبل تمنّوا لو يدركوا خباياه.

 

اليوم، يتوجّه فكرنا إلى هؤلاء الّذين رمتهم ظروف الحياة لأسباب عديدة على أبواب السّفارات قارعين باب الفرج، وسافرت بهم الحياة إلى ما بعد حدود الوطن الأمّ. ونسأل: أين نحن من مصير هؤلاء؟ هل ننأى بأنفسنا عن أحوالهم ونغضّ الطّرف عن ما أضحت عليه حياتهم؟ أم نتحرّك ونكون لهم اليد البيضاء الّتي تستقبلهم وتقبلهم؟

نفكّر بهؤلاء الأطفال الّذين سُلخوا عن بيوتهم وأبعدوا عن غرفهم وتفرّقوا عن أترابهم، فاقتُلعوا كالورود في أوّل الزّرع.. أو بهؤلاء الّذين وُلدوا في الغربة فما تنشّقوا رائحة تراب الوطن ولا ساروا على دروبه النّضرة، فعزلتهم ظروف الهجرة عنه وأضحوا يتمنّون لو كانت العودة ممكنة.

نفكّر بالآباء والأمّهات الّذين عصفت بهم الحياة ووجّهت إليهم صفعة العمر فاضطرّوا أن يتركوا كلّ شيء ليحاربوا خارج دارهم من أجل أبنائهم وبناتهم، وينقذوهم من وحلٍ كانوا سيغرقون بهم لو بقيوا مكتوفي اليدين.

نفكّر بتلك البيوت الفارغة الّتي كلّما أشرنا إليها متسائلين عن أصحابها، كان الجواب: هم هاجروا إبّان الحرب ولم يعودوا!

نعم، ربّما الحرب وتداعياتها هي السّبب الأساسيّ الّذي يدفع بالمرء إلى الانسلاخ عن وطنه، وما أكثرهم من وقعوا ضحيّتها.

اليوم، وعلى أعتاب ميلاد يسوع الّذي بدوره ذاق ومريم ويوسف طعم الهجرة يوم هربوا من سخط هيرودس، لنلتفت إلى هؤلاء في غربتهم ونكون لهم العائلة والوطن؛ لنصغِ إليهم فنآنسهم في وحدتهم. لنعكس لهم صورة طفل المغارة ونرحّب بهم على موائدنا في الأعياد المجيدة؛ لنكن أسخياء في عطائنا الأخويّ؛ لنعِ أنّ المسيح حاضر في كلّ واحد من هؤلاء بخاصّة في الصّغار والأكثر ضعفًا بينهم. باختصار، لنحوّل بلادنا المضيافة إلى بيوت دافئة تحمي هذه الجماعات والعائلات، وكنائسنا إلى أمّ حاضنة.