ثقافة ومجتمع
18 حزيران 2017, 13:00

في الفليبّين، مسلم ينقذ 64 مسيحيًّا من سيف داعش

ريتا كرم
كان عصر الثّلاثاء الواقع فيه 23 أيّار/ مايو حين فرد تنظيم الدّولة الإسلاميّة جناحيه على مدينة ماراوي، في جنوب غربيّ الفليبّين، وأحكم سيطرته عليها معلنًا إيّاها كأوّل "إمارة" له في البلاد. هذا ونشر صورًا لعناصره يحملون أعلام داعش ويسيرون في شوارع المدينة بأسلحتهم وسيّارتهم الحربيّة.

 

المواجهة بين الجيش الفليبّينيّ وعناصر داعش أسفرت إلى اليوم عن مقتل 290 شخصًا خلال أكثر من ثلاثة أسابيع، من بينهم 206 من المتشدّدين، 58 جنديًّا و26 مدنيًّا، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".

ولعلّ أبرز المستهدفين في حملة داعش هم المسيحيّون القاطنون في المدينة الّذين يواجهون خطر الموت في كلّ لحظة وهم يبذلون كلّ جهودهم للهرب بكلّ الوسائل المتاحة. وإزاء موجة الاضطهاد هذه، يظهر المسلمون تضامنًا كبيرًا مع شركائهم في الأرض، وربّما أبرز الشّخصيّات المسلمة الّتي يُضرب بها المثل اليوم في ماراوي هو الكاتب المسلم الشّهير محلّيًّا نور لقمان الّذي لم يتردّد أبدًا في المخاطرة وإيواء 64 مسيحيًّا في منزله.

يخبر موقع Infochretienne عن هذا العمل البطوليّ هذا، فيكشف أنّه في حين كان نور في منزله، قرع بابه عدد من العمّال المسيحيّين بحثًا عن ملجأ، فشرّع لهم الأبواب واستضافهم في منزله آخذًا على عاتقه مسؤوليّة حمايتهم.

وفي حين كانت داعش تنظّم مطاردات منهجيّة، عرّجت على بيت نور الّذي بقدرة إلهيّة نجح في إقناع العناصر المتشدّدة من الرّحيل بدون أن يتأذّى أيّ من ضيوفه. ولولا تدخّل لقمان "لدخلت داعش إلى المنزل ولذبحت كلّ المسيحيّين المختبئين في المنزل".

تخيّلوا هول المجزرة الّتي كان من الممكن أن تقع في تلك الزّاوية من ماراوي لولا دهاء نور لقمان وإنسانيّته. هنا انتصر الخير على الشّرّ وظهرت روابط الأخوّة بدون أيّ تغليف أو تشويه، هذه الرّوابط الّتي بات عالم اليوم يفتقدها بشدّة وسط كلّ الأحقاد المنتشرة والمصالح الّتي تبدّي الـ"أنا" على الـ"نحن".

عمل نور لقمان هو نور وسط الأنفاق المظلمة يعكس فعل حبّ ورحمة؛ من خلاله تتجلّى روعة القيم المشتركة بعيدًا عن كلّ الاختلافات الدّينيّة. إنقاذ 64 إنسانًا من دين آخر ليس سوى عودة الأمل بالرّوابط الاجتماعيّة وبجمال العيش المشترك وقدرة الأفراد على تخطّي كلّ العقبات ومواجهة كلّ السّياسات بيد واحدة وقلب منفتح.