ثقافة ومجتمع
26 كانون الثاني 2017, 14:00

عَلويّة هي.. اختبرت المسيح فوُلِدَت من عَلُو

هي عَلويّة من أصل سوريّ، لا تذكر شيئًا عن طفولتها إذ لم تكن يومًا طفلة، فقد إضطّرتها الظروف إلى السّفر مع والدها إلى لبنان في الـ 7 من العمر لتعمل في المنازل وتُعين أهلها. ومع اندلاع الحرب، زادت غربتها مرارة إلى أن احتضنتها العناية الإلهيّة فاختبرت المسيح وأصبحت من أتباعه...

 

هي السيّدة الخمسينيّة س. م. التي كان لموقع نورنيوز الإخباري فرصة لقائها والاطّلاع على شهادة حياتها.

"هرب أبي من لبنان إبّان الحرب الأهليّة وتركني وحيدة في بلدٍ غريب تنهال عليه القذائف، فشاءت العناية الإلهيّة أن أعمل عند عائلة مسيحيّة متديّنة في المنطقة الشرقيّة. وكان اصطحاب ابنتهم الصغيرة إلى المطرانيّة لتتحضّر للمناولة الأولى من واجباتي التي رسمت مسيرة جديدة من حياتي".

فضولها وعطشها للتعرّف على هذا المسيح، الّذي تألّم وصلب ومات وقام من أجل أحبّائه، ولّدا عندها تساؤلات عن هويّة إلهٍ يموت من أجل الآخرين ليخلّصهم، فأسرتها هذه المحبّة العظيمة التي حُرمت منها منذ زمن طويل ودفعتها إلى الغوص في فهم طبيعتها الإستثنائيّة.

تشوّقت للتعرّف على المسيح، فكان لقاؤها الأوّل معه عندما "كبست" رأسها بكأس القربان، ليدعوها الكاهن بعدها لنيل سرّ العماد. أحبّت الفكرة من دون أن تفهم معناها، إذ كان "همّي الوحيد التقرّب من يسوع المحبّ وكنت مستعدّة لأي شيء من أجل ذلك".

كانت تعاني من إعاقة الإستيعاب والقراءة والكتابة، فوجهها كاهن الرّعيّة إلى الأب عفيف عسيران الّذي رافقها لمدّة ثلاث سنوات. كان عطشها للمسيح كبير إلا أنّ صبرها نفذ وشعرت باليأس، فخاطبته مشدّدة على أنّها ستنتحر إن لم تنل سرّ العماد في غضون أسبوع، لأن هدفها الوحيد هو أن تصبح مسيحيّة وأن تتناول القربان المقدّس. في آخر يوم من هذه المهلة، ذهبت كالعادة إلى المطرانية وكانت المفاجأة: "الأب عسيران ينتظرني ليزفّ لي موعد عمادي الأسبوع المقبل الّذي يصادف سبت العازر، فكانت فرحتي لا توصف".

وبالفعل، 7 نيسان 1979 كان يوم ميلادها الحقيقيّ، يوم نالت الأسرار المقدّسة وأصبحت مسيحيّة على يد المطران اغناطيوس زيادة.

بعد مرور 6 سنوات على ولادتها الجديدة، اختبرت خلالها حياة الرسالة مع جماعة الأب عسيران ومن ثمّ مع الأخ نور، تعرّفت على زوجها وأسّسا معًا عائلة مسيحيّة ورزقا بولدين  "ربّيتُهما على محبّة الله ومحبّة النّاس، والإتّكال على رحمة الرّب".

مع اشتداد وزر الحرب والظروف المعيشيّة والماديّة القاسية، اضطرت للعودة إلى العمل ولكنّ هذه المرّة في شركة أصحابها أتقياء ويقدّرون الإنسان.

وعند سؤالها إن كانت علاقتها مع المسيح مستقرّة أجابت "صادفتني بعض المشاكل والكثير من الفتور بعلاقتي مع الله، لكنّني تخطّيّتها جميعها بحكمة المسيح وقوّة روحه القدّوس." وأكملت بحرقة وغصّة "عندما كبُر ابني، كانت لديه ثورة عارمة على الظلم واللاإنسانيّة لكنّه لم يستطع أن يصحّح الأوضاع أو أن يُحدث فرقًا كما كان يقول.. فانتحر. كانت صدمة كبيرة لم أستطع استيعابها إلا أنّني استمدّيت قوّتي من الرّب وقبلت إرادته في حياتي ومن يومها أشارك يوميًّا بالقدّاس الإلهيّ على نيّة خلاص نفسه".

تشهد س.م. للمسيح أينما حلّت وتفتخر بأنّها "عرّابة لتسعة أولاد من بينهم أولاد كانوا من غير ديانة مثلي. هلّلويا".

 حُرِمَتْ من حُضن أمّها، عانت الأمرّين منذ أن كانت طفلة وفقدت ابنها في ريعان شبابه، لكنّ حبّها للمسيح لم يتزعزع بل زادها عزمًا وإصرارًا على المضيّ قدمًا بنشر محبّة الله ورحمته، فلتكن مثالًا صالحًا يُحتذى به.