عيد سيّدة الزّروع وعلاقته بالإفخارستيّا
وعلى الرَّغم من مروره الخجول والسَّريع، إلّا أنَّ عيد سيِّدة الزُّروع، يأتي حاملًا معهُ علاماتِ الخير والفرح وهو من الأعياد الّتي أوصى بها الآباء الأوائل، الّذين كانوا يتَّكلون على معونةِ العذراء في مباركة مزروعاتهم والحفاظ عليها.
أضف إلى ذلك، إنَّ هذه الأعياد المريميَّة بالذّات لا تقف عند كونها مجرَّد أعيادٍ موسميَّةٍ وحسب، إنَّما تأخذك إلى عمقٍ لاهوتيٍّ كبيرٍ إذا ما تأمّلت فيها.
فالزَّرع والحصاد والكرمة يرتبطون بسرِّ الإفخارستيَّة إذ ينتج عنهم القمح والخمر الّذين يتحوَّلان في الكلام الجوهريّ في الذَّبيحة الإلهيَّة إلى جسدِ السَّيِّد المسيح ودمه الكريمين. ناهيك عن كون مريم العذراء المستودع الأوَّل وبيت القربان الأوَّل لجسد السَّيِّد إذ اقتبلته في قلبها ورحمها أوَّلًا.
وإذ كان الأجدادُ والآباءُ سابقًا على ارتباطٍ وثيقٍ بالأرض الّتي كانت محور حياتِهم وسبب اكتفائِهم، كانوا يتَّخذون من هذه المناسبة مساحةً للتَّضرُّع لوالدةِ الإله لتفيض بنِعَمِها وبركاتِها على محاصيلهم ولتتشفَّع لهم لدى الرَّبّ الإله ليحفظهم ويحفظ منتوجاتهم من الأوبئة ومن الحرِّ والفيضانات.
ونحن اليوم بدورنا في هذه المناسبة نرفع أيدينا إلى الله ضارعين أن يُضاعف ثمارنا الرّوحيّة ويسخِّرها لخدمةِ حقله ويحفظ أوطاننا ويهبها السَّلام بشفاعة الكلّيَّة الطَّهارة والدة الإله الفائقة القداسة.