عن وسائل النّقل العامّ في لبنان
في معادلة حسابيّة سريعة نستنتج أنّ عدد السّيّارات الخاصّة قد يفوق الشّوارع المتاحة لتنقّلها، فلكلّ فرد من العائلة الصّغيرة الواحدة سيّارة على الأقلّ، ناهيك عن الشّركات وغيرها من المؤسّسات التي تجنّد سيّارات لنقل الموظّفين.
ومن هنا السّؤال عن نتائج غياب النّقل العامّ الحضاريّ في لبنان، ليظهر الجواب سريعًا متمثّلًا بزحمة السّير واختناق الطّرقات.
زحمةٌ ترافق المشاوير في كلّ ساعات اليوم، في الصّباح الباكر أم في وضح النّهار أم في المساء الدّاكن، زحمة تزور كلّ المناطق والأحياء مهدّدة مستقبل حال الطّرقات.
باصات معدودة تتنقّل بمحاذاة السّاحل اللّبنانيّ من الشّمال إلى الجنوب، باصات شعبيّة حالتها يُرثَى لها تتعطّل حينًا وتضجّ بالموسيقى حينًا آخرًا.
سكّة حديد مترسّخة في تراب قاحل تنتظر أبدًا عودة حبيبها القطار، قطار محته الأيّام ودمّره الفساد وأخلى مكانه.
وتعلو في الأفق البعيد أصوات أصحاب النّقل البرّيّ مطالبين الدّولة بحقوقهم مهدّدين بتصاعد تحرّكاتهم، أصوات قلّما يسمعها المعنيّون في صخب القضايا الوطنيّة كالفراغ الرّئاسيّ وتمديد المجلس النّيابيّ وتعطيل الحكومة.