دينيّة
28 تشرين الثاني 2019, 14:00

عند دخولِك الكنيسة...

نورسات/ الأردنّ
تحت هذا العنوان، كتب حنّا ميخائيل سلامة نُعمان ما يلي:

"عند دخولك الكنيسة أُترك ألقابك خلفكَ وانزع امتيازاتك وتناسى منزِلتك ومركزك في مجتمعك!

عند دخولك الكنيسة أعْرِضْ عن الدُنيا وإن كنتَ صاحب اقتدارٍ ووجاهةٍ وحَسَبٍ ونَسَب!

عند دخولك الكنيسة لست مُزكىً ولا مُصطفىً أو مُفضَّلاً على أحدٍ مِن حشد المؤمنين، فشأنك فيها كشأنهم وقد حضروا ليمثلوا في حضرة خالِق الكُلِّ العالِم بالأفكار والعارف بالأفعال وما تخفيه الصدور!

عند دخولك الكنيسة وقد قصدتَ أن تَتْبَع المسيح "أنكُر نفسك واحمل إليه ما يقضُّ مضجعك وأوجاعك وما تُعانيه" على غِرار قوله له المجد: "إن أراد أحدٌ أن يتبعني فليُنكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني".

لا تلتفت في الكنيسة، والكنيسة مَوضِعٌ مقدسٌ للرّبّ وهو مكانُ خشوعٍ وورعٍ وابتهالٍ وتضرُّعٍ وتوبةٍ وتسبيحٍ، ولا تُعِر اهتمامًا لعدسات الكاميرات ولا للمصوّرين المنهمكين بتوثيق حضورك لنشره للنّاس كيلا تغمرك نشوة الكبرياء واذكُر قول القدّيس يوحنّا في رسالته الأولى "إن كنا نقبلُ شهادةَ الناس فشهادةُ اللهِ أعظمُ"!.

شارك في الكنيسة واتّحِد مع جماعة المؤمنين في الصّلوات والتراتيل وتسابيح الشكر. وأذكًر أنّ الصّلاة بنفسٍ واحدةٍ تكون أثمر وأجدى وأقوى.. وقد جاء في أعمال رُسُل المسيح: "ولما صَلُّوا بنفسٍ واحدةٍ تزعزعَ المكانُ الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلأ الجميع من الروح القدس".

توجّه إلى كُرسي الاعتراف، كُرسي الرحمة الإلهية، بإيمانٍ واتضاعٍ وإطَّرِحْ كبرياءك عنكَ، ولا تُنازعك نفسك فتقول ماذا سيقول الناس وماذا سيدور بخاطرهم عنّي؟ إنّما بثقةٍ توجّه وكُن على يقين أنك إن توجَّهتَ ستكون قُدوةً تُحتذى، إذ سيتشجّع غيرك وستقود كثيرين لطرح ما تعجّ به صدورهم أمام الرحمة الإلهية في توبةٍ صادقةٍ فتنال إذ ذاكَ أجرًا مُضاعفًا عند القادر على كلّ شيء!

ركّز بصرك في الكنيسة على بيت القربان وعلى المذبح المقدّس الذي عليه وأمام ناظِرَيك وببصيرة إيمانية وبقوّة من الروح القُدس سيستحيل بسرٍّ عجائبيٍ الخبز وعصيرُ الكرمَة إلى جسد المسيح ودمه، فيُحيي روحك إن تناولت ذلك القُربان المقدّس ويُخلِّصك ويهبك النور الذي لا يخبو بريقه للمضي في درب الحياة مَقوُدًا بالفطنة والحكمة إلى أن تعبر إلى مراقي الملكوت السماوي. عند توجُّهِك للمناولة قُل بخشوعٍ وتوبة وانسحاقٍ ما قاله قائد المائة من الجُندِ للمسيح: "أنا غير مستحق أن تدخل تحت سقفي ".

وأختم فأقول: حَسْبك فخرًا أنك وبفضل إلهام الروح القدس حضرت للمشاركة في قدّاس النهار الذي أنت فيه. فمجِّد واشكُر المسيح الحيّ الذي منحك فرصة لتكون في حضرته تبتهل إليه وتطلب رحمته وتنهل من قربان الخلاص من مائدته المقدّسة، فمن يدري أتكون لك فرصة أخرى للقدوم للكنيسة أم سينتهي عُمُرك الزمني في لحظةٍ وهذا يجري ضمن مخطط الله ومشيئته لك وتدبيره!".