ثقافة ومجتمع
16 كانون الأول 2015, 09:08

عندما يغيّب الموت حبيباً.. هل تنطفئ بهجة العيد؟

العيد هذه السنة ليس ككل عام، مصدر البهجة والفرح غاب فأخذ معه رهجة الأعياد وحوّل ذكرياتي الجميلة الى شبه كابوس يراودني كلما التفت الى مكان أو زاوية تشاركت فيها سحر هذه الذكرى مع شخص شاءت الحياة أن تسلبني إياه.. كيف لي أن أفرح الان بهديّة وقد سلب مني اغلى ما عندي؟.. كيف لي ان أترقب بهجة العيد، وقلبي ملؤه أحزان سطّرت بابتسامات مصطنعة تخفي وراءها دمعات تترقب لحظة خروجها؟ عائلات كثيرة لن تجتمع هذه السّنة حول مائدة واحدة، أصدقاء كثيرون لن يلتقوا هذا العام، أحباء عدّة افترقوا.. فكيف نقضي العيد في ظلّ هذا الغياب المؤلم؟

 

 

إهدي نفسك نعمة تقبّل الذات..

قد يصعب التخلّص من كآبة موسم الأعياد متى فقدنا حبيبا، فجوهر هذه المناسبة يكمن في لقاء واجتماع الأحبة، وحين يغيب الحبيب رغما عنّا، يصبح التوق اليه كبيرا، أما الى الاحتفال  فشبه مستحيل؛ لذلك تفسّر أخصّائية النفس مونيك قطّار لموقع "نورنيوز" الإخباري، أنّ تقبّل مشاعر الحزن ضروريّ في هذا الشهر: فالتعبير عن المشاعر الحزينة أساسي للتخلّص منها.

ومن الضّروري أيضاً عدم الشّعور بالذنب أو محاسبة أنفسنا على هذه الأحاسيس، فالمشاعر السّلبية طبيعية، ومتى تعلّمنا كيفية التعامل معها يصبح من السّهل التخلّص منها لتخطي الأزمة النفسية والتّمتع بقدر الإمكان بقدسية العيد ودفئه.

المحيط والأصدقاء.. أفضل علاج للأحزان

ومن أبرز المشاكل التي يواجهها المحزون أيضاً في هذه المناسبة، عدم تقبّل المحيط له، وذلك بسبب كآبته المفرطة، فمهما استطاع التصالح مع نفسه وقبول المرحلة الأليمة التي يمرُّ بها، تبقى استمالة محيطه التحدّي الأكبر أمامه.

فكثير ما يسعى الأقارب والأصدقاء الى تخفيف معاناة  الشّخص الحزين، وذلك بارغامه على تخطّي أحزانه بأسرع وقت ممكن ظناً منهم أنها الطّريقة الفضلى لتحسّن حالته، أو بالعكس عبر محاولة إثارة مشاعر الحزن لديه رغماً عنه.

لكن ما لا يدركه هؤلاء، أنّ دورهم الأساسي يكمن في تقبّل الآخر: من الطّبيعي جداً أن يمرّ الشخص الحزين بفترات تتأرجح بين الحزن والفرح، لذلك التلاعب بمشاعره أو محاسبته عليها لا يساعده على تخطّي الأزمة، بل يمكن ان تزداد حالته سوءً.

وتعتبر قطّار أن الإلتجاء إلى المحيط ومشاركته المشاعر الملبّدة أفضل بكثير من تناول الأدوية المضاضة للكآبة، فالأصدقاء "المتفهّمون" يساعدون على تخطّي الأزمات النفسية عبر إسعاد الآخر وامتصاص أحزانه، فعليهم تقع مسؤولية إقناع الفرد الحزين أنّه لن يتخلّص من أحزانه إلّا عبر التّعبير عنها، وهنا يتحوّل المحيط إلى آذان صاغية مستعدّة في كل حين إلى المساندة والتفهم: فوجود الأصدقاء الدّاعمين أساسي لتخطّي المرحلة بأقلّ ضرر ممكن.

قليل من الإهتمام يعيد رهجة الأعياد..

ومن الضّروري أيضاً ألّا يشعر من فقد عزيز على قلبه أنه وحيد في موسم الأعياد، خصوصاً في المرحلة الأولى من فترة حزنه التي تمتد من 6 أشهر إلى السّنة، والتي تتخلّلها مشاعر لا  تخلو من العصبية، والإنغلاق على الذّات، والبكاء، والإنفعال الشّديد وعدم تقبّل الذات..

فعندما لا يجد هذا الشّخص من يتقبّل أحزانه ويتفهّم تقلّبات مزاجه، تتأجج لديه مشاعر الشّوق والحنين التي من شأنها أن تبعده اكثر فأكثر عن الأجواء الميلادية.

من هنا تؤكّد أخصّائية النفس ضرورة إحاطة المحزون بقدر من الإهتمام والعناية لخلق جوّ من الطمأنينة والفرح وسط الأجواء الميلادية الحزينة.

تخلّى عن التقاليد الرّثة..

من أبرز ما يساعد على تخطّي المشاعر السلبية هو التخلّي عن التقاليد الرّثة التي تزيد من الكآبة كارتداء الملابس السّوداء والإمتناع عن الإحتفال وعدم الإنخراط في المجتمع.

في النهاية، على كلّ حزين أن يدرك ان حزنه سيزول إذا عبّر عنه وتقبّله، فالله وهبنا نعمة الصبر وعبر الإيمان نستطيع تخطّي أسوء المصائب، فبدلاً من أن نستسلم لحزننا على موت حبيب لنفرح بولادة المسيح الذي سيشارك أحبائنا مذود جنّته.

 

ميريام الزيناتي