ثقافة ومجتمع
12 شباط 2015, 22:00

علاج 5000 "نزيل" من الإدمان في "أم النور" إحصاء أعداد كبيرة لمراهقين ينجرفون وراء المخدرات

(النهار - بيروت) "كنت في الرابعة عشرة عندما بدأت أتعاطى المخدرات. كنت أشعر أنني وحيدة، والداي انفصلا حين كنت صغيرة، فربتني جدتي... كنت أحقن نفسي بإبر مستخدمة سابقاً الى أن أصبت بمرض الإلتهاب الكبدي أو ما يعرف بالـHepatitis C... عندما خسرت كل شىء "أهلي، جامعتي، اصدقائي، كرامتي،قررت اللجوء إلى "أم النور" بعد ثمانية أعوام من تعاطي المخدرات. كان التأهيل نقطة تحول شعرت فيها بوجع أمي وجدتي، وشعرت أيضاً أنني محبوبة...".هذه الشهادة تدخل ضمن مجموعة من خمسة أجزاء عن "المخدرات في لبنان تنشئة وتوعية" سلط فيها التجمع الضوء على مسيرته التي إنطلقت بمبادرة من رئيس التجمع المطران غي بولس نجيم ونائب الرئيس غبريال دبانة وفريق يضم اليوم 64 متخصصاً في مجالات متعددة ومجموعة من 300 متطوع وأهالي "النزلاء"في توعية شبابنا وشاباتنا على مضار المخدرات وإنقاذهم من جحيمها...

وفي ذكرى مرور 25 عاماً على تأسيسه، أكد نائب المدير العام لـ" أم النور" إيلي وهيبه لـ"النهار" أن الدراسة الإحصائية للتجمع ركزت في احد الاقسام على تناول معدل سن تعاطي المخدر فرصدت في عينة من 4536 مدمناً أن 56 في المئة منهم بدأت تعاطي المخدر في سن يتراوح بين 14 و19 عاماً (راجع الجدول 1). وقال: "في ما خص مستوى تحصيل المتعاطين، عكست عينة من 5018 مدمناً أن نسبة تعاطي تلامذة القسم التكميلي منها وصلت إلى 27,9 في المئة، بينما سجل النسبة لدى الجامعيين 15,3 في المئة...".
وبعدما عاصر التجمع في بداية تأسيسه جيلاً إنجرف وراء المخدرات بسبب الحرب ووجود الأحزاب، رأى وهيبه أن "جيل اليوم يرزح تحت وطأة عوامل عدة تدفعه الى الإدمان، منها نزعة البعض الى التطرف وحب المغامرة وتفكك العائلة، وقلق المستقبل وفقدان الروحانيات والقيم".
ويعيدنا كلام وهيبه إلى شهادة "نزيل" في التجمع قال فيها: "في عمر الثالثة عشرة، إنضممت إلى شلة في المدرسة،إختبرت معهم أول سيجارة حشيشة... تركت المدرسة، غادرت البيت وبدأت العمل. أخذت أتعاطى المخدرات بأضعاف حتى توصلت إلى الهيرويين. كنت لا أزال في السابعة عشرة". أضاف: "ألقي القبض علي أثناء تجارتي بالمخدرات، خرجت من السجن وحاولت الإنتحار أربع مرات حقنت نفسي بجرعات زائدة أدخلتني طوعاً إلى العناية الفائقة مدة 6 أشهر... ضغط علي أهلي لأنضم إلى مركز التأهيل في التجمع.."
هكذا تتغير حياة "النزلاء" وهي التسمية المفضلة لدى التجمع. تبدأ الخطوة الأولى في مسيرة الشفاء عند حضورهم إلى مركز الإستقبال في زوق مكايل أو إتصالهم شخصياً او عبر ذويهم على الخط الساخن 223700/09 -219042/09.
وقالت المسؤولة عن أمانة سر مركز الإستقبال ماغدا أيوب لـ"النهارأن مشكلة الإدمان هي مشكلة حياة من نواحيها النفسية والسلوكية والمهاراتية"، أما المعالجة الإجتماعية في المركز ألفيرا شلالا نادر، فقد تناولت أعداد المنتسبين إلى المركز (راجع الجدول 2) مشيرة إلى أن تراجع العدد في عام 2012 يرتبط بتطبيق العلاج البديل للمدمن من المعنيين".
وعما إذا كان الذكور أكثر عرضة للإدمان من الفتيات أجابت: "قصد مركز الإستقبال 363 ذكراً مقابل 51 فتاة في عام 2010 و 372 ذكراً مقابل 43 فتاة العام 2013". وقالت: "لا تكشف هذه الأرقام العدد الحقيقي للمدمنات في لبنان لأن مقاربة هذه الآفة ما زالت من المحرمات بالنسبة الى الفتيات في مجتمعنا".
من جهة أخرى، لم يؤكد فريق "أم النور" الذي إلتقيناه المعلومات التي يتداولها البعض، من أن كلفة "الغرام الواحد من الهيرويين "الصافي" تبلغ مئة دولار، بينما سعر الغرام الواحد للهيرويين "المغشوش" وفيه الكثير من بودرة بيضاء لمبيد صراصير يصل إلى 40 ألف ليرة". إكتفت نادر بالقول أن المدمن يضطر إلى إعتماد شتى الوسائل غير المشروعة لتأمين كلفة المخدرات. وتوقفت عند الأمراض المنتقلة بسبب المخدرات، والتي رصدت عينة من 899 مدمناً يصل منها 46,3 في المئة إلى تشخيص مزدوج أي إلى علاج مزدوج من الإدمان ومن تداعيات حالات نفسية كالإكتئاب الحاد أو إنفصام الشخصية أو ثنائية القطب وسواها عند حالات يحرك فيها المخدر مسار أمراض نفسية عند المدمن ...".
أما العلاج المجاني الذي يوفره التجمع "لنزلائه"، فهو وفقاً لوهيبه يمر بمركز إستقبال ومراكز تأهيل العلاج، فمركز متابعة لدعم العودة إلى المجتمع والوقاية من الإنتكاسات، وذلك في ظل مواكبة حثيثة لأهل النزيل وعائلته. قال:" لقد إستعاد 5000 نزيل منذ تأسيس التجمع إلى اليوم ثقتهم بذاتهم، بالآخر، بالله مسيحياً كان أو مسلماً وبالبيئة المحيطة بهم".
وبعدما ذكر ان المراهق والجامعي يحصلان على المخدرات من محيطها، شكر وهيبه وزير التربية الياس بو صعب الذي تمسك في أحد تصاريحه بمحاسبة المديرين الذين يتخفون وراء هذه القضية أو يخشون الحديث عن هذه المحرمات. ولفت إلى أن التجمع ينكب مع مجموعة كبيرة من المدارس وجامعات خاصة على تنظيم برامج طويلة الأمد لنشر التوعية على آفة المخدرات في الأحرام الجامعية والمدرسية. لكنه لفت إلى أن "التعاون مع الجامعة اللبنانية يقتصر إلى الآن على تدرج طلاب علم الاجتماع وعلم النفس في مكاتبنا، ونأمل في أن نتمكن من تنظيم لقاءات توعية في كلياتها في القريب العاجل".