ثقافة ومجتمع
21 حزيران 2016, 16:28

عاصي الرّحباني.. "أنتَ المجد لم يَغِب"

ماريلين صليبي
ليست هي الصّدفة من جمعت عيد الموسيقى اليوم بذكرى وفاة عاصي الرّحباني، بل هي هذه العلاقة المميّزة التي جمعت واحدًا من أبرز أركان التّراث اللّبنانيّ بالنّوتات الصّاخبة، هذا العطاء الخاصّ لعاصي الرّحباني في عالم الموسيقى اللّبنانيّة.

 

وأيضًا، ليست هي الصّدفة من سرقت عاصي الرّحباني في الواحد والعشرين من حزيران أي في يوم عيد الأب، بل هو اعتباره أب الفنّ اللّبنانيّ، أبٌ أطلق بألحانه وأعماله الفريدة فنّانين أصبحوا عمالقة الأغنية العربيّة واللّبنانيّة أمثال  فيروز، نصري شمس الدّين، غسّان صليبا، ملحم بركات، هدى حدّاد، مروان محفوظ، جوزيف ناصيف، جوزيف عازار، رجا بدر، رونزا، عبدو ياغي، إيلي شويري وغيرهم...

ففي مثل هذا اليوم من العام 1986، تأهّبت النّوتات الموسيقيّة على سلّمها بانتظام مألوف، وقفت الواحدة خلف الأخرى وقفة عنفوان وإجلال، التزمت مكانها بحسرة وألم احترامًا لغياب من كان يرسم رقصاتها وتحرّكاتها مُثمرًا بذلك ألحانًا تدغدغ الإحساس وتُسكر الرّوح.

عندما سُلبت الحياة من قلبٍ نبض 63 عامًا، "غيّم الصّيف" وما "عم بتضوّي الشّمس" بل خجلت من الشّروق، هرولت "نجمة العيد" إلى الاختباء، ما "طلع القمر" بل حجب نوره المضيء عن "سطح بلادي" و"تلك القرى" ، و"ما نام اللّيل"، ليل "لبنان الأخضر" الذي بكى غياب عملاق الفنّ الأصيل.

"ما في حدا" إلّا ويرى عاصي الرّحباني ملكًا على الألحان والكلام والموسيقى، أميرًا للمسرح والسّينما، مدرسة في الفنّ وبانيًا للتّراث اللّبنانيّ.

هو من غرف وأخيه منصور من نبع الإبداع كيلًا واسعًا  أمطر على لبنان فجعله يشعّ شهرةً وتقدّمًا وأصالةً.

هو من كتب بألحانه السّامية كتاب تاريخ الموسيقى اللّبنانيّة، كتابٌ فصوله تخترق كلّ عصر وبلد وجيل، كتابٌ عن الحبّ والطّبيعة والأوطان والدّول والحياة، كتابٌ أبديّ أزليّ يُحفَظ في ذاكرة الفنّ الموسيقيّ ومكتبة التّراثّ اللّبنانيّ.

غاب المبدعان الرّحباني بصمت فها هي اليوم ذكرى وفاة الأوّل تمرّ بهدوء بدون اهتمام الدّولة اللّبنانيّة، هدوء بعكس صخب الألحان الرّحبانيّة العظيمة، فـ"هل تُستعاد" يومًا ما بعد رحيلهما "ليالي زمان"، ليالي كانت فيها الموسيقى فنًّا أصيلًا ومجدًا عظيمًا؟