طيبٌ مُهْراق
بُنيت أجسادنا على صورة خالقنا، وانسكبت في داخلها أطيابٌ مقدّسةٌ من نفخةٍ إلهيّة. وكانت إحدى مهامنا أن نُفيض من هذه الأطياب على الخليقة. ولكنّ الخطيئة عطّلت رسالتنا وأبطلت دعوتنا، فخفت عبق عطرنا وحلّت مكانه نتانة المعاصي.
تحمل قذارة الخطيئة في طيّاتها الطاعة للشّرير ومحبّة الشّرّ بقيادة الكبرياء المقيت. فيُسقط هذا الوباء منّا إمكانيّة الخلاص، ويُطفئ فينا نور الحياة الحقّانية. ويبني حاجزًا من الخصومة بيننا وبين الله. فتتشوّه صورة الله فينا ونخسر خصائصها كلّها...
يعود الطيب إلينا عندما نتّحد بالله عن طريق التوبة والعشق والطاعة لوصاياه. هذا هو كتاب التواضع الذي ينحت فينا صورة الله البهيّة والمكلّلة بالمحبّة المبجّلة على صليب التضحية المغبوطة. إنّ فيض الطيب فينا يخبر أنّنا أبناء المُلك، فمن اكتشفه عرف أنّنا لا ننتمي إلى هذا الدهر، وأنّنا لسنا أبناء الظلمة. فالحياة تسري فينا وتُقصينا عن مملكة الموت، وتُبطل قوّته وتكسر شوكته.
المحبّة هي الطيب الحقيقيّ! الله محبّة! لذلك لا يحتاج جسد الربّ يسوع إلى الطيب الذي أتت به حاملاتُه بعد دفنه، لأنّ الأحياء بالمسيح لا تُطيّب أجسادُهم، إنّما الأموات بالخطايا. لذلك عادت حاملات الطيب أدراجهنّ وهنّ يحملن للتّلاميذ، ليس الطيب الذي أعددْنه، بل العطر الحقيقيّ الذي هو البشرى بقيامة الربّ يسوع من الموت.
"اسمُك طيبٌ مُهراقٌ، لذلك أحبّتك العذارى". (نشيدُ الأنشاد 1: 3). والاسمُ يحملُ ميزات صاحبه. إنّ كُلّ من يرفُضُ الخطيئة ويُميتُها، ويتخلّى عن أهوائه، يحملُ في داخله نفسًا عذراء تُحبُّ الربّ وتشتهي أن تتّحد فيه.
فلنسارع ونقتني طيب المحبّة، علّنا نتّحد بالربّ يسوع الذي أحبّنا وبذل نفسه عنّا، آمين.