دينيّة
12 شباط 2017, 08:00

دينونة الله قريبة .. ورحمته أقرب

غلوريا بو خليل
هو الأب الحنون والرّحوم، هو الله الّذي أحبّنا حتّى الفداء، وهو لا يزال إلى اليوم يتحمّل آثامنا ومع ذلك يسامحنا. هو كلّ إنسان ضعيف، فقير، مريض، سجين، حزين... نصادفه يوميًّا على طرقات حياتنا. هو من نغضّ نظرنا عنه أحيانًا فنمرّ بجانبه وتسقط منّا إنسانيّتنا متناسين أنّه في يوم الدّينونة الأخيرة سيدين الله شعبه على أعمال الرّحمة، طالبًا منه أن يؤدّي الحساب عن الحياة وعن الوديعة.

 

إنجيل متّى 25/ 14-30، يضيء على "الدّينونة" في نصّ يظهر فيه الله صارمًا وحازمًا في حكمه، فشبّه شعبه الصّالح بالخراف وأقامهم على يمينه لأنّهم عملوا بوصيّته وعاشوا عمق المحبّة والخدمة والرّحمة وقال لهم "تعالوا، يا من باركهم أبي، فرٍثوا الملكوت المعدّ لكم منذ إنشاء العالم" (متى 25/34)؛ أمّا قساة القلوب والعاصيين فشبّههم بالجّداء وأقامهم على شماله وقال لهم "إليكم عنّي، أيّها الملاعين، إلى النّار الأبديّة المعدّة لإبليس وملائكته" (متى 25/ 41) لأنّهم لم يُتمِّموا واجباتهم ولم يُعاملوا إخوتهم معاملة حسنة كما أوصاهم.‏

وقد حدّد الرّبّ يسوع أعمال الرّحمة في حياة الإنسان بست أساسيّة: الجوع والعطش والعريّ والغربة والمرض والسّجن، مشدّدًا على روحيّة هذه الحاجات وعمقها وليس على مادّيّتها فقط وعلّق قائلًا "الحقّ أقول لكم: كلّما صنعتم شيئًا من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصّغار، فلي قد صنعتموه" (متى 25/ 40). ومن هنا، يرشدنا إنجيل اليوم إلى الطّريق ويعلّمنا كيف نسلك في حياتنا بالمحبّة والرّحمة مع بعضنا البعض، لنعيش بسلام ونربح السّماء. هكذا، عاش الأبرار والصّدّيقون بأمانة لتعاليم المسيح، فأحبّوا المحتاج برحمة كما أوصاهم يسوع فكافأهم وأجلسهم على يمينه لأنّهم استحقّوا الملكوت.

دينونة الله قريبة لكنّ رحمته أقرب، إنّه يصبر علينا حتّى النّهاية ونحن ما علينا إلّا أن نطعم الجائع ونسقي العطشان ونأوي الغريب ونكسو العريان ونزور المريض والسّجين، لأنّهم يمثّلون المسيح ويرسمون لنا درب الخلاص. فعسانا نزيل الغشاوة عن عيوننا ونكون من الصّديّقين المستحقّين يمين الله.