25 تشرين الثاني 2015, 22:00
د.باسمة السمعان تكتب..أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
ثلاثة أيام متتالية، وانا مثابرة على حضور مؤتمر في احدى ضواحي عمان، بحث بشكل موسع عدد من التحديات التي تواجه مجتمعنا، وقد كان مستوى الطرح والبحث عالي الاداء، بحيث كانت المحاور غنية بالمصطلحات والعناوين الرنانة، المحاورون كانوا هم ايضا، على مستوى عال من التحصيل الاكاديمي والثقافي والاجتماعي والمهني . للأمانة، المظاهر الخارجية للمؤتمر، من قاعات فاخرة، اضاءة، وضيافة - لم يقصروا الشباب - فأدوا الواجب واكثر، خاصة بوجود ضيوف من خارج الوطن . بالطبع، التقطنا الصور التذكارية مع راعي الفعالية، واستمعنا كذلك الى كلمات الافتتاح، التي أكدت بالضرورة، على محاور المؤتمر وعناوينه العريضة.
وبالطبع ايضا، كان الحضور لوسائل الاعلام، من تلفزة ومسموع والمقروء ومكتوب والالكتروني وغير الألكتروني، كتبت بشدة، عن المؤتمر واهتمت بمضامينه، لعلّ وعسى أن نخرج، بحلول، بحلول نهاية المؤتمر، تساعدنا على حل بعض القضايا والتحديات ، اوكأن تساعد الشباب ،ومن خلال مشاريع ريادية مبدعة ومتميزة، تم تسليط الضوء عليها، ومنها ما يساعدنا على ترشيد الاستهلاك من خلال الطاقة المتجددة واستغلالها، او تلك التي جاءت بحلول ،من شأنها ان ترفع مؤشر اقتصادنا، ونقلل عبرها المديونية، ولما لا " وننعم بالرخاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
لم تغفل الطروحات عن حلول، تقلل أيضا من نسب البطالة ، وتعمل على تحسين نوعية التعليم ومخرجاته .
انتهى المؤتمر بنقاشاته وأوراق عمله، وخرج المؤتمرون يحملون نسخا من التوصيات، ليصار الى حفظها في ادراج مكاتب "مغلقة" وملفات.
وفي الصباح قرأنا عناوين ومقالات، وفي كل صباح نقرأ، توصيات المؤتمرات، ونتائج دراسات، أخبار وعناوين وتطلعات، وجميعها تتحدث بنفس اللغة ونفس المصطلحات ، لتؤكد ، وتدعم ، وتبحث ، وتناقش ، وتعزز ، الى متى ؟
الاخبار، تطالعنا ايضا، وكل صباح ، بحوادث قتل واغتصاب وسرقة وتهريب وابتزاز وانتحار، لنخرج في النهاية بسؤال : ضع دائرة حول الاجابة التي تناسبك ، وجميع الاجوبة صحيحة !!! انتحار ، جناية ، عملية انتحارية ، ارهاب ... اطلق خيالك وحلق في تحليلك ، وفي النهاية ضاعت الحقيقة ، الى متى ؟
ضجت عقولنا ، وضاقت بنا أرواحنا، ومازلنا نقرأ وقد نعيد، ونقرأ هذا الكم الهائل من الكلمات والقضايا والاخبار والتحديات والتحريات والتحليلات وفي النهاية لا حل ، اين الحل ؟
وأفكر، حينها ، واقترح ، لما لا نوفر على انفسنا هذا العناء، وحتى المصروفات، بل لما لا نوفر الحبر والورق، وحتى ايضا، رصيد هواتفنا الذكية من الانترنت.
لما لا نختصر جناية نرتكبها بحق انفسنا، "حرق الاعصاب" ، في النهاية، نريد طحنا، اكتفينا وتأذينا من سماع " الجعجعة".