خدمة المحبة تجعلك إنسانًا جديدًا
إن الرب يمنحك مواهب روحية لأجل الخدمة والبنيان، فكلما كان قلبك مشتعلاً بالمحبة، إزدهرت فيك مواهبك ونمت.
أخي المحبوب في الله، إن العالم يتخبط في الباطل وهو في حاجة ماسّة إليك. ابن الملكوت مدعو للعمل بسخاء لنشر النور وتبديد الظلام، وتحرير العالم من قيود العبوديات، ليصبح عالمًا جديدًا يزدهر بالشركة والمحبة.
فلندرك تمامًا أن الخطيئة ليست في ارتكاب الشر فحسب، بل في الامتناع عن فعل الخير.
قال القديس باسيليوس الكبير:
"إنه لا يكفي ألا تؤذي أخاك، بل يجب أن تساعده."
لذلك، بقدر ما تخدم وتبذل، تكون إنسانًا حيًا. فنتشبّه بالمسيح الذي كان يجول ليلاً ونهارًا يصنع الخير، يعظ، ويعلّم، ويجترح المعجزات.
وكما قال القديس فرنسيس الأسيزي:
"عندما نبذل ذواتنا في المحبة، نجد الله في داخلنا."
الخادم النشيط هو الذي يخرج من أسوار ذاته ليلتقي بالآخرين، فيفرح بفرحهم، ويتألم بآلامهم، ويسعى لعمل الخير مقتديًا بالرب يسوع الذي كان في بذل دائم. "خذوا كلوا، هذا هو جسدي." قال القديس يوحنا الذهبي الفم:
"إن خدمة الفقراء هي في جوهرها خدمة الله نفسه."
خدمة المحبة هي عنوان الحب الذي يملأ القلب، فتتفجر من أعماقنا أنهار الحياة. وكما قال القديس أغسطينوس:
"إذا كانت المحبة في قلبك، فهي كالشمس في النهار، تنير وتدفئ كل شيء حولها."
المهم في حياتنا أن نحمل عنصر البذل والعطاء. الرب جعل من الخدمة مقياسًا للمكافأة في يوم الدينونة. ليكن السامري الصالح مثالاً لك، فالرب يقول لك: "افعل هكذا فتحيا."
فلنقم بخدمتنا بلا تفرقة ولا تمييز، دون حساب أو شروط، لأن المحبة لا تميّز ولا تطلب شيئًا لنفسها. المحبة الحقيقية هي التي تعطي دون مقابل، ولا تنتظر الشكر.
أخي المحبوب، الخدمة تنمي الموهبة التي أعطيت لك، وتقوي روحك، وبقدر ما تنمو في القداسة، تكون قادرًا على تقديس الآخرين. وكما قال القديس يوحنا الصليب:
"في مساء حياتنا، سوف نُحاكَم على المحبة."
إنها بركة عظيمة ومقام رفيع أن تخدم، لأنك بذلك تعمل مع الله، كما قال بولس الرسول:
"نحن عاملان مع الله" (١كو ٣: ٩).
أصلي دائمًا من أجل خادم المسيح، ليعمل على قداسته الشخصية، ويتواصل باستمرار مع الله، فيكون القناة التي تربط الأرض بالسماء، ويتدفق من خلاله الحب الإلهي الخلاق والمبدع والشافي، له المجد إلى الأبد. آمين.