ثقافة ومجتمع
26 نيسان 2017, 13:00

خاصّ- "نسيت إنو كنت مدمن، عايش أحلى حياة وما في شي بيوقف قدّامي.."

تمارا شقير
دمار الإنسان.. هذا هو أثر المخدّرات القاتل.. فما أقبح أن تستعبد مواد مخدّرة الإنسان فتكبّله جسديًّا ونفسيًّا، وما أفظع أن تُغيّب العقل وتودي به إلى طريق الهلاك والضّياع!

 

المخدّرات هي مواد قاتلة مدمّرة تسرق النّشاط، تمحو الفرح وتوجع الجسد وتزرع الألم، تُسيطر على حياة الإنسان وتسحبه إلى الهاوية المحتّمة، ولكن من قلب الضّعف تتجلّى قوّة، قوّة تنتشله من إدمانه فيتغلّب عليه لأنّ لا شيء مستحيل.

الياس حاتم، من مواليد برج حمّود عام 1982، هو أحد هؤلاء الشّباب الّذين وقعوا في فخّ هذا السّمّ، فظلّلت حياته غيمة دامت 10 سنوات أدمن خلالها على المخدّرات الّتي حرمته ملذّات الحياة الطّبيعيّة وسرقت منه حرّيته وخسر علاقته بالله حتّى عجز عن الصّلاة. ولكن اليوم، بعد مرور 10 سنوات أخرى، يعيش الياس حياة مفعمة بالأمل والرّجاء والفرح، بعد أن تابع برنامج إعادة تأهيل في جمعيّة "الشّبيبة لمكافحة المخدّرات" وانتصر على إدمانه.

"كان عمري 14 سنة بس بلّشت قصتي مع المخدّرات، كنت أنا ورفقاتي نتناول حبوب مخدّرة مرّة كل نهاية أسبوع"، بهذه الكلمات وصف الياس حاتم بداية مسيرته مع الإدمان في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز"، مشيرًا إلى أنّ حياته كانت تنهار يومًا بعد يوم.

عند بلوغه الـ18 عامًا بدأ الياس بتدخين سيجارة الحشيش حتّى وصل به الأمر إلى تعاطي المواد الأكثر خطورة، الهيرويين. وبقي على هذه الحال لأكثر من أربع سنوات دخل خلالها السّجن 15 مرّة. وعام 2006، إبّان حرب تمّوز/ يوليو، دخل الياس مرّةً أخيرة إلى السّجن حيث قرّر اللّجوء إلى جمعيّة تُعنى بإعادة تأهيل الشّباب المدمنين، فوقع اختياره أخيرًا على مركز جمعيّة "الشّبيبة لمكافحة المخدّرات".

هناك، لمس الياس تبدّلًا إيجابيًّا في تصرّفاته وبدأ برؤية الحياة من منظار جديد ومُشرق، فعزم على استكمال مسيرة التّعافي حتّى النّهاية. وهو يُخبر أنّه لولا والدته لما حقّق ما هو عليه اليوم: "جابتلي التّحرّيي على البيت أكثر من 6 مرّات، بس لو ما تصرّفت هيك كنت بعدني لهلأ بتعاطى، هي نور عيوني، بفتخر فيها وبحبّها كتير".

عام 2007، أنهى الياس برنامج إعادة التّأهيل، وفتح صفحة جديدة في كتاب حياته. صفحة وُلد فيها من جديد وعاد خلالها إلى الإيمان القويّ موطّدًا علاقته بالمسيح ملتزمًا في كنيسته، منغمسًا  بشغف وولع ومحبّة لامتناهيّة واندفاع كبير، منذ 10 سنوات، في العمل بمركز الجمعيّة، حاملاً رسالة جديدة: مساعدة كلّ شخص مدمن على المخدّرات "بس شوف مدمن خضع لإعادة تأهيل بيكبر قلبي في، وبس شوف شاب بعدو ماشي بالطّريق الغلط بجنّ وبجرّب ساعدو على قد ما بقدر. مش عيب انو نغلط، بس العيب انو نكمّل بالغلط".

"نسيت إنو كنت مدمن، عايش أحلى حياة وما في شي بيوقف قدّامي.. أسّست حالي وتزوجت وصار عندي بيت وسيارة"، بهذه الكلمات النّابعة من صميم قلبه ختم الياس حديثه مع موقعنا، مقدّمًا لكلّ الشّباب المدمنين مثالاً في مقاومة الخطأ والرّغبة في الانتصار عليه والعزم على العودة إلى الحياة بعد مسيرة طويلة محفوفة بالصّعاب والمشاكل والمرارة.