دينيّة
28 نيسان 2019, 07:00

خاصّ- نتجدّد فنعبر...

غلوريا بو خليل
"تحتفل الكنيسة اليوم بالأحد الجديد، الأحد الأوّل بعد قيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات. وهو الأحد الجديد لأنّ الرّبّ يسوع بقيامته أعطى البشرية معنى جديدًا لحياتنا ومعه أصبحت خليقة جديدة كما يقول لنا بولس الرّسول في رسالته إلى أهل كورنتس." بهذه الكلمات استهلّ خادم رعيّة مار يوسف شحتول الخوري طوني بو عسّاف حديثه لموقع "نورنيوز" الإخباريّ عن إنجيل القدّيس يوحنّا (20/ 26 -31) لنبدأ معه زمن الفصح المجيد بتجدّد روحيّ وخطوات ثابتة على طريق الرّبّ القائم من بين الأموات مستحقّين صفة أبناء القيامة.

 

وتابع الخوري بو عسّاف قائلًا: "كلمة الله التي سمعناها في الرّسالة والإنجيل تستوقفنا حول فكرتين من خلال عيش المؤمن المسيحيّ العبور والفصح الحقيقيّ. الفكرة الأولى هي العبور من القديم إلى الجديد والفكرة الثّانية العبور من الشّكّ إلى الإيمان."

في العبور من القديم إلى الجديد، شرح خادم رعيّة مار يوسف شحتول مفسّرًا: "في الفكرة الأولى يؤكّد الرّسول بولس العبور الذي يعيشه كلّ إنسان ينتمي إلى المسيح من خلال المشاركة في سرّ موت وقيامة المسيح وهناك أمثلة كثيرة في العهد الجديد مثل نيقوديموس والسّامريّة وغيرهما. ويذكّر بولس مؤمني كورنتس بالحالة الجديدة التي حصل عليها من خلال سرّ المعموديّة. فالمؤمن الذي نال هذا السّرّ يشترك في سرّ موت وقيامة يسوع. في معموديّتنا نموت مع المسيح عن خطيئتنا فنتخلّى عن الماضي المظلم، عن الإنسان الضّعيف حتّى نقوم معه ونصير خلقًا جديدًا، "فإذا كان أحد في المسيح، فإنّه خلقٌ جديد" (2 كور 5/17). فالمسيح من خلال موته وقيامته يخلقنا من جديد ويعيد لنا الصّورة التي تشوّهت مع آدم وحواء. وكذلك نعبر من القديم إلى الخلق الجديد من خلال سرّ المصالحة والغفران بواسطة يسوع الذي فدانا وحمل خطيئتنا ليجدّد ويحوّل العلاقة التي تربطنا بالله، من علاقة عداوة إلى علاقة بنوّة وشراكة ومحبّة. إذن من خلال موت وقيامة المسيح عبرنا من خليقة قديمة ترزح تحت ثقل الخطيئة إلى خليقة جديدة تعيش حالة النّعمة وحرّيّة أبناء الله."

أمّا في الفكرة الثّانية فدعانا الخوري بو عسّاف لنتأمل بالعبور من الشّكّ إلى الإيمان، حيث "نرى الرّسول توما كان يعيش صدمة نفسيّة نتيجة هول الصّلب ممّا أفقده إيمانه بيسوع وتعاليمه ورسالته. وهذه الصّدمة جعلته لا يصدّق خبر قيامة الرّبّ من بين الأموات. فأراد دليلًا حسّيًّا وملموسًا. يريد أن يرى يديّ يسوع والمسامير ويضع يده بجنبه لكي يؤمن. أراد الإنجيليّ يوحنّا من خلال شخصيّة توما أن يظهر لنا وجود بعض الأشخاص في الجماعة المسيحيّة الأولى الّذين لم يصدّقوا شهادة الرّسل بأنّ يسوع قام. يريد أن يقول لهؤلاء من خلال اختبار توما إنّ الرّبّ حيّ وقائم من بين الأموات. ولكن طوبى لكم أنتم الذين آمنتم من دون أن تلمسوا وتروا. شكّ توما ليس علامة رفض ليسوع ولكن هو طريق للوصول إلى الإيمان، إيمان ثابت وواع. لقاء توما بالرّبّ القائم من بين الأموات واختباره الحسّيّ دفعاه ليعلن إيمانه الشّخصيّ والرّاسخ على أساس متين فيقول "ربّي وإلهي". فتوما ارتفع من المستوى الحسّيّ الملموس إلى مستوى الإيمان بأنّ يسوع هو ربّ وإله. توما اختبر في العمق حقيقة موت وقيامة يسوع فعبر من الشّكّ إلى الإيمان فأصبح من عداد الخليقة الجديدة."

وإختتم خادم رعيّة مار يوسف شحتول تأمّله بخلاصة مليئة بالرّجاء نحملها معنا زوّادة لأسبوعنا الجديد قائلًا: "في أوقات كثيرة يتعرّض إيماننا إلى هزّات وتحدّيّات من خلال ألم أو موت أو ظلم أو مرض فننسى حضور الله وعنايته وننسى قوّة آلام يسوع وقيامته. شكّ توما اليوم يعلّمنا ضرورة اللّقاء الشّخصيّ بالرّبّ من خلال القدّاس والأسرار وخاصّة من خلال الإفخارستيّا. وهكذا من خلال اللّقاء الشّخصيّ بالرّبّ يسوع نقوّي إيماننا ونتخطّى صعوباتنا ونعطي المعنى الجديد لحياتنا ويصير يسوع ربّنا وإلهنا. نحن بحاجة اليوم إلى اختبار يسوع أكثر في حياتنا حتّى نعيش حقيقة عبورنا من القديم المليء باليأس والألم والإحباط ونصير خليقة جديدة. لا نخاف اليوم كما قال القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني "شرّعوا أبوابكم للمسيح" حتّى يدخل ويجعلنا نعبر إلى القيامة الحقيقيّة ونحوّل شكّنا وضعفنا إلى إيمان ثابت، فنستحقّ الطّوبى لأنّنا آمنّا بأنّ الرّبّ يسوع هو ربّنا وإلهنا له المجد من الآن وإلى الأبد."