دينيّة
29 كانون الأول 2019, 08:00

خاصّ- من هو موسى الجديد؟

غلوريا بو خليل
بعد عيد الميلاد المجيد المليء بالفرح والسّلام والمحبّة، يأتي الألم والهرب والهجرة وقتل أطفال من أجل منصب وخوفًا على ملك. جاء الطّفل الرّبّ ليخلّص العالم، جاء ببراءة الطّفولة وبمجد عظيم للخليقة كلّها. لكنّ جشع الإنسان وأنانيّته صنع الويلات بحقّ أطفال رضّع، غير أنّ الرّبّ الإله الذي يصرّ على خلاص البشريّة ظهر على المجوس والقدّيس يوسف لينقذ العائلة المقدّسة والعالم. ولفهم أبعاد هذا الحدث وتاريخه الصّحيح، كان لموقعنا حديث مع كاهن رعيّة بشللي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم ليشرح لنا إنجيل الهروب إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم للقدّيس متّى (2/ 13 - 18).

"بيت لحم تعرف بالمدينة التي ولد فيها يسوع، وأيضًا المكان الذي قُتل فيه الأطفال. أرسل هيرودس الجند وعملوا على قتل جميع أطفال بيت لحم وكلّ تخومها، من ابن سنتين وما دون (متّى2/ 16). الأطفال الذين ذُبِحوا بأمر من هيرودس السّفّاح بهدف قتل يسوع، يُكرَّمون كشهداء منذ نشأة الكنيسة. إنّهم الأوّلون في قافلة الشّهداء في الكنيسة الذين يقدّمون دمهم من أجل حمل الله." بهذه الكلمات استهلّ الخوري كرم شرحه وتابع قائلًا: "يقدّم لنا الإنجيل يوسف بصفته أب العائلة المقدّسة، بحسب مشيئة الله. العائلة المقدّسة في هروبها إلى مصر اختبرت الصّحراء التي تعني الكثير في تاريخ إسرائيل. كما أنّ الشّعب الإسرائيليّ ومريم ويوسف كانوا بانتظار هذا اليوم، للعبور إلى أرض الميعاد، ويترقّبون الوقت المناسب لترك مصر بلد المنفى. العائلة المقدّسة تتأنّى وتترقّب إرادة الرّبّ. يسوع خرج من الموت مثل موسى. الأطفال الأبرياء ذُبحوا بإرادة "هيرودس أسكلون"."

وأضاف الخوري كرم: "الكتاب المقدّس يذكر ثلاثة ملوك باسم هيرودس، والثّلاثة مشهورون بقساوة قلوبهم وإدمانهم على سفك الدّماء. الأوّل "هيرودس أسكلون" ويسوع ولد خلال فترة ولايته حين خضع الأبرياء للموت. الثّاني "هيرودس أنتيباس"، هو الذي أمر بقطع رأس يوحنا. والثّالث "هيرودس أغريبا"، وفي فترة ولايته خضع القدّيس يعقوب للموت ووُضع بطرس في السّجن."

"الطفل يسوع في هربه إلى مصر تخلّص من الموت،  كما تمّ في حياة الطّفل موسى، وقد خلّصه الرّبّ من أيدي فرعون. يسوع هو موسى الجديد. يسوع حقّق نبوءات العهد القديم وخاصةً نصّ إرميا (الفصل 31: 15): راحيل تبكي على أولادها وتأبى أن تتعزّى...لأنّهم ليسوا بموجودين. ولكن الرّبّ في أرميا(31: 16) وعدها بجزاء."

وإختتم الأب كرم متسائلًا: "هل في زمن الميلاد تعاطفتَ في صلاتكَ من أجل الأطفال المسيحيّين الشّهداء الذين سفكوا دماءهم في لبنان ومصر والبلدان العربيّة، وبفضلهم تُواصل الكنيسة مسيرتَها وسط الأزمات؟ هل قمتَ بمبادرة من أجل بعض الأطفال المعوزين في زمن الميلاد، من أجل إزالة البؤس والحرمان؟"