دينيّة
09 كانون الأول 2018, 08:00

خاصّ- ماذا يعني إسمك؟

غلوريا بو خليل
"عندما أتى وقت أليصابات لتلد، سمع كلّ الأقارب والجيران، فقال الجميع إنّ الرّبّ غمرها برحمته وفرحوا معها. وكأنّنا قبل مجيئنا إلى هذه الحياة كنّا في رحم الله الذي وضعنا في رحم أمّنا علامة لعظمة رحمته. و"الرّحمة" كلمة تشتقّ من كلمة رحم، ورحم المرأة يحمي الجنين، يؤمّن له الغذاء وكلّ سبل الحياة، وفيه ينمو ويكتمل. هكذا هي رحمة الله الذي يؤمّن لنا كلّ سبل الحياة والغذاء والحماية، لأنّنا منذ البدء أبناؤه، لأنّنا منذ البدء على صورته ومثاله، لأنّنا منذ البدء نحمل بصمته، عندما كنّا في فكره قبل أن نأتي إلى هذا العالم".

 

بهذا التّأمل الذي يغوص في عمق الرّحمة الإلهيّة، إستهلّ المسؤول الإعلاميّ لأبرشيّة جبيل المارونيّة الأب أنطوان عطالله شرحه لإنجيل أحد مولد يوحنّا المعمدان للقدّيس لوقا (1/57 - 66) في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ، وأردف: "وكما أنّ الأقارب والجيران فرحوا بمولد الطّفل يوحنّا، كذلك نحن عندما أبصرنا النّور في هذا العالم، فرح بنا أقرباؤنا والمحيطون بنا. فكلّ واحد منّا هو مصدر فرح لكلّ من حوله. نحن مغمورون بمحبّة الله ورحمته، ومصدر فرح ليس لمن حولنا فقط، بل لكلّ العالم".

وتابع الأب عطالله "وعندما أتى الوقت في اليوم الثّامن ليختنوا الصّبيّ يوحنّا بحسب العادة اليهوديّة"، أرادوا أن يسمّوه على اسم أبيه زكريّا، فهذه كانت العادة بحسب الإرادة البشريّة. لكن فوق الإرادة الإنسانيّة هناك الإرادة الإلهيّة التي تجلّت بالملاك جبرائيل الذي أعطى اسم الصّبيّ قبل أن يولد فكان "يوحنّا"، والذي ظهر أيضًا على العذراء مريم وأعطاها اسم" يسوع".

وأكمل الأب عطالله: "للإسم أهميّة بالغة، فالإسم له دوره ومعناه ولحامله رسالة. إسم زكريّا يعني "الله تذكّر"، واسم يوحنّا معناه "الله تحنّن"، واسم يسوع معناه "الله يخلّص". ونحن أيضًا لم يأتِ إسمنا صدفةً. فلنسأل أهلنا "كم استغرقكم من الوقت لتسميتنا أو كيف اخترتم لنا أسماءنا قبل أن نولد؟"، لنسألهم "ماذا تعني أسماؤنا التي نحملها اليوم: الاسم العالميّ والاسم بالمعموديّة؟" فأسماؤنا لم تأتِ صدفة."

واستطرد الأب عطالله: "عندما طلب زكريّا لوحًا ليكتب عليه اسم الصّبيّ وكتب اسم "يوحنّا"، انفكّت عقدة لسانه ونطق كلمة "يوحنّا"، فخاف الجميع واندهشوا بما حصل، لأنّه عمل إلهيّ. ولو لنا عيون روحيّة، لكان الحاضرون في وقت معموديّتنا رأووا أنّنا أصبحنا كتلة نورٍ عند ذكر اسمنا وسكب ماء المعموديّة على جبيننا، لأنّ الله سكن فينا، وهذا عمل إلهيّ مدعاة اندهاش ورهبة وفرح."

 "ما عسى أن يكون هذا الطّفل؟ فإنّ يد الرّبّ كانت معه"، إستنادًا إلى هذه العبارة المستوحاة من العهد القديم التي تعبّر عن حماية الله أردف الأب عطالله مسترسلًا: "نحن أيضًا قيل لنا ما عسى أن يكون هذا الصّبيّ، ما عسى أن تكون هذه الفتاة، لأنّ يد الرّبّ كانت معنا، لأنّ روح الرّبّ سكن فينا، لأنّ القدّوس قدّسنا، واليوم لا تزال يد الرّبّ معنا وستظلّ معنا."

"والسّؤال هنا يطرح ذاته، واصل الأب عطالله، هل أنا واعٍ لعمل الإله؟ هل أنا مدرك لحضور الله فيّ؟ هل أنا مؤمن أنّني وكلّ واحد مغمور برحمة الرّبّ، ونور من نور الرّبّ، وحبّ من حبّ الرّبّ، وبركة من بركة الرّبّ...؟ ألسنا صورة ومثال الله؟ ألم يقل الرّبّ يسوع أنّنا نور العالم وملح الأرض؟".

وإختتم الأب عطالله كلمته بتوجيه إيمانيّ قائلًا: "عندما نعرف حقيقة بنوّتنا للآب السّماويّ وقيمة ذاتنا التي كشفها الرّبّ يسوع لنا، لا يسعنا إلّا أن نصمت ونخشع ونفرح ونعيش فرح اللّقاء الدّائم بالثّالوث الأقدس الآب والإبن والرّوح القدس له المجد والسّجود والإكرام إلى الأبد، آمين."