دينيّة
08 كانون الأول 2019, 08:00

خاصّ- "لم يولد في مواليد النّساء مثله"، من هو؟

غلوريا بو خليل
تحتفل الكنيسة المارونيّة في هذا الأحد من زمن الميلاد المجيد بمولد يوحنّا المعمدان للقدّيس لوقا (1/ 57 – 66)، دلالة على مرحلة جديدة في تدبير الله الخلاصيّ. ولأنّ هذه المرحلة تدعونا إلى الإيمان ببدء تحقيق الوعود، كان لموقعنا حديث مع الرّاهب المريميّ الأباتي سمعان أبو عبدو الذي وضعنا في سياق هذا الحدث الفائق للطّبيعة.

 

"بمولد يوحنّا المعمدان، "تمّ الزّمان" ليكشف الله عن أمانته لوعده، وعد الرّحمة التي بها افتقد ويفتقد دائمًا شعبه. فأراد أن يُعطَى الصّبيّ اسم "يوحنّا"، لكي يذكّر الجميع أنّ الله رحوم"، بهذه الكلمات استهلّ الأباتي أبو عبدو شرحه وأضاف قائلًا: "كشف الله رحمته لزكريّا وإليصابات العجوزَين العاقرَين، والبارَّين أمام الله، بمنحهِما ولدًا في شيخوختهِما، "ما عساه يكون هذا الطّفل، ويدُ الرّبِّ كانت معه" (لو 1 / 66). إنّ يوحنّا شخصيّة فريدة، فهو آخر نبيّ وأوّل رسول؛ عنه قال يسوع "لم يولد في مواليد النّساء مثل يوحنّا" (لو 7/ 28). مع صرخة الطّفل يوحنّا الأولى كُسِرَ صمت زكريّا، بعد أن أدرك أنّ لله طُرُق لا يفهمُها الإنسان إلّا بالرّجوع إلى الذّات بالصّمت والتّأمّل، وفَهِم بأنَّ الصّمت يعطي للكلمات قيمة."

 

وعن تحقيق مواعيد الله بيوحنّا المعمدان أوضح الأباتي أبو عبدو: "دعا الله يوحنّا من حشا أمّه ليمهِّد طريق المسيح ويحُضِّرها بافتتاح المعموديّة ودعوة الخاطئين للتّوبة. وعد الله يتحقّق في كلِّ إنسان يولد، ذلك أنّ الله أمين في وعده وفي كلامه. مع مولد يوحنّا المعمدان تجلّى الله لنا أنّه رحوم، بل "الغنيّ بالرّحمة". الله حاضر معنا، وفي حضوره نعمة وبركة مؤسَّسة على الحبّ والحنان الذي يتعامل به إلهنا معنا، وهذا ما نلمسه من خلال اسم يوحنّا، الذي يرمز إلى حنان الله ورحمته."

 

وأكمل الرّاهب المريميّ: "ولأنّ الله محبّة، فهو غنيٌّ بالرّحمة اللّامتناهية التي بلغت به إلى مغفرة الخطايا مهما عَظُمت، إذا تابَ عنها الخاطئ من صميم القلب. بمحبِّته ورحمته، عَطَفَ الرّبّ يسوع على الخطأة، واقترب منهم، وأكل على مائدتهم وأعلن أنّه أتى ليدعو الخطأة لا الأبرار (مر2: 17)."

 

وإختتم الأباتي أبو عبدو حديثه مشدّدًا على أنّ "ميلاد يوحنّا هو دعوة ليحطِّم الإنسان كلّ الاعتبارات البشريّة القديمة المبنيّة على تقاليد بالية عفا عنها الزّمن، لأنّ العالم الجديد بات وشيكًا، عالم أكثر إنسانيّة. في هذا الأحد ندرك خطورة قول الرّبّ يسوع: "أريد رحمة لا ذبيحة" (متّى 12/ 7)، هلّا ندرك أنّ الله يحبّنا بلا شروط ومجّانًا أو بدون استحقاق."