دينيّة
28 تشرين الثاني 2021, 08:00

خاصّ- كرم: بقدر الامتلاء من الكلمة ينطلق الرّسول للخدمة النَّشيطة

غلوريا بو خليل
جسّدت مريم العذراء، أمة الرّبّ وأمّه، صفات الرّسول بتواضعها وبخدمتها وبجهوزيّتها، بكثير من المحبّة والفرح. فالنحتذي بها ونهبّ إلى خدمة بعضنا البعض بهذه المحبّة المجانيّة وبخاصّةٍ بهذه الظّروف الصّعبة التي نمرّ بها، كما هبّت إلى خدمة نسيبتها أليصابات في أحلك الظّروف بحسب إنجيل اليوم للقدّيس لوقا (1: 39- 45) في زمن الميلاد المعنون "زيارة مريم لأليصابات". وللوقوف عند هذه الزّيارة كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم الذي استشهد بآيات من الإنجيل مشدّدًا على أهميّة الرّوح القدس في العمل الرّسوليّ وفي الخدمة.

"بقدر الامتلاء من الكلمة ينطلق الرّسول للخدمة النَّشيطة. بقدر اشتعال القلب بشعلة الرّوح القدس يندفع الرّسول ليتمّم خدمة المحبّة بحماس، ومريم هي المثال فقد تمّمت القول بالفعل "ها أنا أمةٌ للرَّبّ" (لوقا 1: 38). إنَّها خادمة مشروع الرّبّ، إنَّها المؤمنة الأولى بيسوع الكلمة "طوبى للَّتي آمنت بأنَّهُ سَيَتِمّ ما قيلَ لها من قِبل الرّبّ" (لوقا 1: 45)." بهذه الكلمات استهلّ الخوري كرم حديثه لموقعنا.

وتابع: "مريم تنفّذ دائمًا كلمتها، فأعلنت للملاك "أنا خادمة الرّبّ"، وبجهوزيّة انطلقت فعلاً إلى الخدمة "قامت مريم ومضت مُجِدَّة إلى الجبل" (لوقا 1: 39). هي رسولة بإمتياز. إنّ كلمتها مشبعة بالرّوح القدس، كلمة صغيرة حقَّقت العنصرة بما فيها من فرح ومواهب روحيّة. سلام مريم جعل القلوب تخفق وتهتزّ، ففاض الرّوح القدس في عنصرة تسبيح الله وتمجيده وتعظيمه "مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ" (لوقا 1: 42)."

وأكمل: "عظيمةٌ هذه الكلمة الممذوجة بالمحبّة، جعلت الرّوح القدس ينسكب بقوّة ويتمِّم رغبات الله ويحقّقها. في هذا اللِّقاء نختبر عنصرة رائعة، حيث نطَّلع على موهبة النّبوّة "مِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (لوقا 1: 43). إكتشفت أليصابات أنّ مريم هي أمّ الله وذلك بفضل الرّوح القدس مانح المواهب وكاشف الأسرار. إنَّها عنصرة يمتلئ فيها المؤمن بالرّوح القدس ويختبر ثمار الرّوح بنشوة الفرح "فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي." (لوقا 1: 44)."

وإستطرد قائلًا: "إنّ الرّوح القدس الَّذي فاض من سلام مريم ملأ أليصابات بروح الرّبّ وحبّه، وجعل الجنين يختبر خفقان هذا الحبّ. مريم هي المثال لكلّ خادم من أجل الانطلاق برسالة فعّالة ونشيطة، تعطي الثّمار وتحقّق إرادة الرّبّ."

وبعبرة للعيش اختتم الخوري كرم حديثه قائلًا: "في التَّأمّل بالكتاب المقدّس نكتشف أنّ مريم في هذه الزّيارة المتواضعة من أجل الخدمة قد تمّمت أعمالًا عظيمة. وأنت بدورك، هل تعمل وتجتهد لتحقّق زيارتك نِعَمًا، وتفجّر حبّ الرّبّ في قلوب المؤمنين؟ هل تعطي دورًا للرّوح القدس لكي يكون كلّ عمل تتمّمه من أجل اكتساب هذا الرّوح العظيم؟ وهل هذه النّار المشتعلة في قلبك هي أتون النّار الّذي يحرّك كلّ خدماتك ونشاطاتك، لكي تتمّم ليس فقط أعمالًا بشريّة، بل لتعطي دورًا لمعجزات حبّ الرّبّ في انسكاب الرّوح القدس؟"