خاصّ- كاد المرض يخطفه لكنّ يسوع ومار شربل حضرا!
هو جومايكل ميلاد أبي حاتم، إبن الأربعة والعشرين عامًا، عانى من ألم في الرّأس لجهة الخلف رافقه نزيف دم من الفمّ والأنف. عايش الشّابّ الألم مدّة تخطّت الشّهر من دون أيّ استشارة طبّيّة إلى أن قطع إصبعه بواسطة سكّين بشكل عرضيّ في 22 ت2/ نوفمبر 2018، فنزف بغزارة من دون توقّف على مدى أيّام. مرّة جديدة لم يعر جومايكل اهتمامًا بالغًا لحالته، فجلّ ما كان يفعله كان تغيير الضّمادة في الصّيدليّة حيث لوحظ أنّ الجرح لا يبدي أيّ تحسّن، فلا بوادر تشير إلى أنّه يُختم.
هذا النّزف ترافق مع اصفرار في الوجه، وخمول ووهن، فهزُل جسده وارتفعت حرارته لدرجة غير طبيعيّة، حتّى بدأت الشّكوك تساوره بأنّ السّرطان هو مرضه. وهكذا ما كان من جومايكل وأهله إلّا استشارة طبيبة العائلة د. سملى صفير بعد مرور يومين تقريبًا، فأجرت له الفحوص اللّازمة وأُدخل مستشفى القدّيس لويس- جونيه، وأُخذت له خزعة كشفت عن إصابته بسرطان الدّمّ.
لم تبلغ الطّبيبة جومايكل بداية بمرضه، فاكتفت بإبلاغ والدته، لكنّ الشّابّ الّذي كان كلّ شيء جليًّا أمامه أدرك خطورة وضعه بخاصّة أنّ حالته استدعت نقله إلى مستشفى رزق حيث تابعه الطّبيب ميشال سعادة، وأخضعه للعلاج الكيميائيّ وتغيير الدّمّ وتقوية مناعته.
في حرم هذا المستشفى يخبر جومايكل لموقع "نورنيوز" أنّ علاقته بدأت مع مار شربل. إذ في أحد الأيّام زاره أحد الأقرباء وأتى إليه بدم من دماء القدّيس شربل مغمّس في النّبيذ، فشرب رشفة طالبًا شفاعته، علمًا أنّ مناعته الضّعيفة لم تكن تسمح له أن يتناول أيّ شيء، وسلّم أمره لطبيب السّماء.
حالة جومايكل كانت مستعصية والخطر يهدّد حياته، وكان لا بدّ من إجراء عمليّة دقيقة لزرع عرق اصطناعيّ بعد أن فقد كلّ عروقه الطّبيعيّة. وفيما كان يتحضّر للدّخول إلى غرفة العمليّات، طلب الشّابّ أن يحتفظ بصورة مار شربل تحت رأسه أثناء العمليّة. وهكذا كان! دخل وهو يعاني من صعوبة من المشي. وبينما كان الطّبيب يتحضّر لشقّ العرق، وإذا بجومايكل يرى مار شربل بشكل واضح، من دون أن يلحظه أحد من الفريق الطّبّيّ. ظهر له من دون أن يتلفّظ بأيّ كلمة، فاتّخذ جومايكل بما رآه لدرجة أنّه لم يعد يركّز على ما يقوله الطّبيب. وجود مار شربل خفّف الألم على الشّابّ، فهو على عكس المتوقّع لم يكن يشعر بوخز الإبر وبالوجع المفترض أن يحسّ به تحت مجهر العمليّة، وهو ما فاجأ الطّبيب.
بعد العمليّة، وقف جومايكل من دون أيّ ألم في رجليه، لكنّ لدقّة وضعه اصطُحب إلى غرفته على كرسيّ مدولب، وكان مار شربل لا يزال حاضرًا فرافقه حتّى غرفته.
حتّى الآن، لم يختف المرض، بل كان الألم لا يزال موجودًا، وجومايكل يعاني من صعوبة في المشي، غير أنّ إرادته الصّلبة جعلته يتوكّل على نفسه ويتّكل على الله وشفاعة مار شربل. فكان يستنجد بقدّيس عنّايا في كلّ مرّة كان بحاجة أن يقف فيها ويمشي، وفي كلّ مرّة كان يشعر بيد على كتفه تسنده وتساعده، هي يد مار شربل بحسب تعبيره.
وفي كلّ مرّة يصلّي فيها المسبحة الورديّة عند السّادسة صباحًا، كان مار شربل يجلس قبالته ممسكًا مسبحته ويصلّي معه من دون أن يتكلّم.
في 22 ك1/ ديسمبر 2018، عانى من التهاب قويّ نتيجة العروق الاصطناعيّة، فكان لا بدّ من نزعها، الأمر الّذي سيلغي حكمًا إمكانيّة إعطائه الدّواء لاستحالة الأمر.
في اللّيل، استيقظ جومايكل من نومه فاقدًا كلّ أمل بالحياة، فطلب من يسوع إشارة، صلّى، وغفا. بعد ساعتين شعر أنّ أمرًا غريبًا يحصل في الغرفة، وكأنّ ضغطًا كبيرًا في الغرفة، وعندما فتح عينيه رأى يسوع المسيح نفسه. مشهد ذُهل جومايكل أمامه، رآه يرتدي ثوبًا مثل ثوب القربانة، حافي القدمين، يرتفع عن الأرض نحو 50 سنتيمترًا، طوله نحو 180 سنتيمترًا، وشعره أسود يلامس كتفيه، ولحيته سوداء اللّون، وإذا به يقول له: "أنا شايفك، شايفك!". ثمّ شعر وكأنّ أحدًا يضع ملصقًا ورقيًّا حول شفتيه، وراح يتنفّس بصعوبة، والسّرير يهزّ بطريقة غريبة، وهواء "جميل" يملأ الغرفة.
لم يستطع جومايكل أن يستدير حتّى يطلب الممرّضة، وإذا به يشعر كأنّ أحدًا يجري له عمليّة في أسفل ظهره، في المكان نفسه الّذي أُخذت منه الخزعة، ويسوع لا يزال واقفًا أمامه صامتًا. وإذا به فجأة يشعر وكأنّ الضّغط الّذي كان يشعر به قد زال، ويختفي كلّ الألم وينام بسبات عميق حتّى اليوم التّالي.
وما أن استفاق حتّى طلب إعادة فحص الدّمّ، وتمّ ما أراده. وإذا بالنّتيجة تبدي تحسّنًا كبيرًا وإذا بمناعته ترتفع، وشعر بأنّ الدّمّ عاد يجري في عروقه الّتي راحت تتفتّح، ودفعه إيمانه الكبير بزيارة مار شربل بالرّغم من حالته.
هناك وقف أمام التّمثال، وبالرّغم من برودة الطّقس شعر بحرارة اللّحظة ودفئها بكلّ ما للكلمة من معنى. ونذر أن يلبس ثوب مار شربل.
عاد جومايكل هذه المرّة إلى منزله، وإذا به يشعر بكتلة دم تنزل بين رجليه، عانى بعدها من ارتفاع بالحرارة، فعاد إلى الطّوارئ وخضع لفحوص كشفت عن انخفاض في مناعته والتهاب قويّ. وطلب د. رعد صورة بالرّنين المغنطيسيّ شخّصت التهابًا قويًّا وظهور كيس، ممكن أن تكون نتيجته تفشّي السّرطان بشكل ملحوظ ومتقدّم في العروق. فكانت الحاجة إلى عمليّة محتّمة لا خيار سواها، عمليّة تشكّل خطرًا على حياته بنسبة كبيرة جدًّا.
قبل دخوله غرفة العمليّات رأى جدّه المتوفّى يبتسم له، فظنّ أنّ بمجيئه كأنّه كان إنذارًا بأنّ موته بات وشيكًا.
أمّا في الدّاخل، فإذا به يرى جدّه مرّة جديدة يقف من جهة اليمين، ومعه مار شربل من جهة اليسار. وما أن أخذ الطّبيب يشقّ لجهة الورم، وإذا به يكتشف كيس دمّ جافّ، فأكمل الشّقّ صعودًا وإذا بالمفاجأة الثّانية: العروق نظيفة وسليمة. أمام هذه النّتيجة، أوقف الطّبيب العمليّة وأعاد تقطيب الجرح، وأخذ جومايكل من أجل صورة جديدة أكّدت ما رآه.
وما أن استيقظ جومايكل حتّى أطلعه الطّبيب على ما جرى، وإذا بالشّابّ يزفّ إلى الطّبيب أنّ مار شربل كان داخل غرفة العمليّات، مؤكّدًا على قدراته الكبيرة، جازمًا أنّه أثناء العمليّة أمرًا عظيمًا حصل. هكذا حصل جومايكل على نعمة الشّفاء، وهو يعيش حياته اليوم بشكل طبيعيّ، من دون أيّ جلسات كيميائيّة، ودوّن في سجلّ دير مار مارون عنّايا، في 22 تمّوز/ يوليو 2019، الأعجوبة الثّانية بعد عيد مار شربل.