دينيّة
24 تشرين الأول 2021, 07:00

خاصّ– عبّود: "من له يُعطى ويُزاد ومن ليس له يؤخذ منه"

غلوريا بو خليل
"إنجيل اليوم يحدّثنا عن الوزنات، وهذه الوزنات اختصرها الرّبّ عندما قال "كلّ واحد منهم على قدر طاقته"، فنرى أنّ البشر متنوّعون في أشكالهم وطاقاتهم ووزناتهم ومواهبهم، ولا أحد يشبه الشّخص الآخر". بهذه الكلمات البسيطة استهلّ الأب ميشال عبود الكرمليّ تأمّله للأحد السّادس بعد عيد الصّليب للقدّيس متّى (25/ 14 – 30) المعنون "مثل الوزنات"، ليشجعنا على اكتشاف وزناتنا ومواهبنا والاستثمار فيها لبناء حياتنا على الصّخر بمسؤوليّة وأمانة.

وتابع مبسّطًا لنا النّصّ الإنجيليّ لنستثمر وزناتنا بحكمة، فقال: "في إنجيل الوزنات هذا يدعونا الرّبّ إلى الاستمرار بالسّهر في حياتنا. السّهر على ما أعطانا إيّاه الرّبّ من هبات ووزنات ونِعَم، والتّنبُّه إلى مجيئه المفاجىء حيث يأتي في ساعة لا نعرفها. فالإنسان يعيش في هذا العالم، والله يعطيه نعمًا كثيرة، وهذا ما يشير إليه نصّ الإنجيل "أعطى البعض خمس وزنات، البعض أعطاه إثنين، والآخر أعطاه وزنة. كلّ واحد على قدر طاقته". الوزنة توازي تقريبًا ثلاثين كيلوغرامًا من الفضّة، أيّ الكثير، ولكن يشدِّد الرّبّ "على قدر طاقته". فعلى كلّ إنسان أن يكتشف ما هي النِّعم التي في حياته: صحّته، عقله، إيمانه، ثقافته، عائلته، مجتمعه، أصدقاؤه، كلماته، وقته... نقدر أن نعدّ المئات بل الآلاف من النِّعم التي أعطانا إيّاها الله في هذه الحياة، وكلُّها تضمحل عندما تتوقف دقّات قلبنا وتتوقّف ساعة العمر، وكلّ ما عدّدناه يصبح لا شيء. عندما خُلِقنا، خُلِقنا كاملين جسديًّا، أيّ بما معناه لا ننتظر سنوات حتّى تنمو لنا ريشة أو تظهر لنا عين أو يد، فالإنسان يولد كاملًا جسديًّا وينمو. وهذا النّمو يتطلّب جهدًا خاصًّا من الأهل ومن المربّين حتّى يكبر الإنسان، وعلى الأخير أن يسهر على المحافظة على صحّته كي يستمرّ في عمله. وكما المحافظة على الصّحّة الجسديّة التي هي أمانة بين أيدينا، هناك المحافظة على النِّعم السّماويّة الرّوحيّة التي يعطينا إيّاها الرّبّ. أعطانا وزنة الإيمان فعلينا أن نتاجر بها لكي لا تبقى وحيدة في الأرض ومطمورة في التّراب، ويبقى الإنسان يعيش على هامش الحياة المسيحيّة. على الإنسان أن ينمّي هذه الوزنات، إن كان يقرأ بعض الكلمات في الإنجيل فعليه أن يقرأ صفحات، إن كان يتمتم بعض الصّلوات فعليه أن يلتزم بالصّلوات... عليه أن يكافح وأن يحبّ من حقدوا عليه وأن يستمرّ بالمحبّة والمناضلة في عمل الخير، وإذا كان يشعر بالأنانيّة فليتخلّى عنها حتّى يبذل ذاته من أجل الآخرين. هذه هي الوزنات التي يعطينا إيّاها الرّبّ."

وأضاف: "في نهاية الإنجيل يقول الرّبّ: "من له يُعطى ويُزاد ومن ليس له يؤخذ منه حتّى الذي له."  وهذا ما نجده في واقع الحياة. مثلاً:  إذا أعطيتَ أحدًا تنكة مليئة أو وعاءً مليئًا بالقمح، إذا أخذه وفلح أرضه وزرعه، عند الحصاد يسلّم عشرة أوعية من القمح. وإنّما إذا أخذ هذا الوعاء المليء بالقمح وتركه من دون أن يزرعه لأنّه لا يريد أن يعمل ويخاطر ويتعب، عند الحصاد لا يعطينا إلّا الوعاء الذي أعطيناه. ماذا نفعل؟ نأخذ من الذي لديه وعاء واحد ونعطيه لمن معه أكثر، فمن كان معه يزيد لأنّه ينتج في عمله، ومن لم ينتج في عمله يؤخذ منه حتّى لا يضيع ما معه. وهذا ما يدعونا إليه الرّبّ: لننظر إلى طاقتنا وننمّيها. وكما قال بولس الرّسول: البعض يزرع، والبعض يسقي وإنّما الرّبّ ينمّي. الله أعطانا الحياة ونحن نغذّيها بصلواتنا وبالتزامنا، ولكن يجب أن نعرف أنّ الإيمان هو نعمة من الله، وهو الذي يدعونا إلى المحافظة عليه."

وإختتم الأب عبّود بعبرة متأمّلًا: "علينا أن نقف أمام ذواتنا وأن ندرك بأنّنا لا نعرف أيّ ساعة هي ساعة الغياب، وأن نغمض عيوننا عن هذه الحياة ليُفتح باب السّماء... علينا أن نحافظ من الآن على وزناتنا."