دينيّة
14 كانون الأول 2022, 14:00

خاصّ- "روحانيّة تساعيّة الميلاد" مع الخوري إيلي أبراهام

نورسات
"في مقال سابق كنّا قد تأمّلنا بأهمّيّة مشاركتنا مع الكنيسة، ورأسها المسيح، بالدّورة الطّقسيّة السّنويّة التي تتمحور حول الرّبّ وعمل الله الخلاصيّ الذي تمّ من خلاله، والتي بدأت بزمن المجيء، وفيه نتأمّل بكلّ "الأمور"، كما سمّاها لوقا الإنجيليّ، التي سبقت حدث ميلاد يسوع. بهذه المقدّمة استهّل مُنسّق لجنة الإعلام في نيابة صربا الخوري إيلي أبراهام تأمّله لموقعنا عن روحانيّة تساعيّة الميلاد".

وتابع: "نظرًا لأهمّيّة هذا العيد، وتهيئةً له، نظّمت الكنيسة منذ القديم الصّلوات التّقويّة ومنها تساعيّة الميلاد، الّتي يتمّ تلاوتها على مدى تسعة أيّام متتالية ابتداءً من 15 كانون الأوّل.

صحيح أنّ هذه التّساعيّة، بالطّريقة التي نعرفها، وصلتنا من الغرب، إنّما إذا تمعّنا ملّيًّا بصلواتها وترانيمها نجد أنّ كلماتها هي من الكتاب المقدّس وتعاليم الرّبّ يسوع، ورسله، وكتابات القدّيسين الأُوَل الذين صلّوا وتأمّلوا بهذه الكلمات حتّى أصبحت دستور إيمان وطريقة عيش تناقلها الذين سبقونا، وعلينا أن نكون أوفياء بنقلها للذين سيلحقوننا، ليس فقط كتابيًّا إنّما بروحيّتها الأصليّة كما أرادها الرّبّ وكلّ الذين تناقلوها لتصل إلينا.

ملفتٌ للانتباه أنّ التّساعيّة تبدأ قبل أحد نسب يسوع وفيه نتأمّل بشجرة العائلة البشريّة التي دخل فيها الرّبّ رغم ضعفها وكبر خطيئتها، كيف لا وهو أتى ليخلّصها منها. وهو لا تحدّه بداية أو نهاية، لذلك تتّحد فيه جميع الأجيال التي عبرت، وسوف تعبر، حتّى بنعمة الله نلتقي جميعًا في المجد السّماويّ.

ترمز الأيّام التّسعة إلى الفترة التي أمضاها الرّسل ومعهم العذراء مريم في العلّيّة مباشرةً بعد صعود الرّبّ يسوع إلى السّماء بانتظار حلول الرّوح القدّس. كرّسوا أنفسهم خلال تلك الفترة للصّلاة. وكتذكار لتلك الأيّام التّسعة وضعت الكنيسة ترتيبًا لتلاوة صلوات خاصّة قبل الأعياد أو المناسبات الدّينيّة ولهذا أُطلق عليها إسم "تساعية" Novena من التّرجمة اللّآتينيّة للكلمة "Novem " والتي تعني الرّقم 9 وهو مكوّن من 3 مرّات 3، ونعرف أن الرّقم الثّالث الثّابت يرمز إلى الثّالوث الأقدس الواحد في الأُلوهيّة.

تُعتبر هذه الفترة المليئة بالنِّعم بمثابة رياضة روحيّة، لذلك معظم الرّعايا تُنظّم مع "المُريّضين" عظات تساعد المؤمنين على الدّخول بروحيّة العيد. كما يرافق ذلك الصّلوات المكثّفة، الصّوم الميلاديّ، والاعترافات لتنقية الضّمائر والقلوب، استعدادًا لولادة المخلّص، وتطبيقًا لترنيمة "قلبي مهيّا مغارة".

المُلفت للانتباه أيضًا ليس فقط كلمات التّساعيّة، بل الألحان والآلات الموسيقيّة مثل الصّنوج والأجراس التّي تُذكّرنا بخشوعيّة "ليلة الميلاد"، كما تدعونا أن نبقى "ساهرين" حتّى مجيء الرّبّ الثّاني والأخير. 

نُنهي هذا المقال باختصار هيكليّة تساعيّة الميلاد المجيد مُصلّين أن يمنح الله بركاتها للجميع:

تبدأ التّساعيّة بصمد القربان المقدّس أيّ جسد المسيح ونحن نحتفل بعيد تجسّده وهو وُلد في بيت لحم أيّ بيت الخبز، بينما الجوقة تُرتل "سُبحان الكلمة إبن الرّحمان، قد أمْسى جسمًا أضحى إنسانًا، قد  سَمعْناه، قدْ عاينَّاهْ، قدْ لمسناه، قوتًا نلناه."

تلي صلاة الافتتاح، طِلبة مخصّصة لكلّ يوم، ثمّ "الأبانا" و"السّلام"، قبل الصّلاة الختاميّة، بعد أن نكون قد قدّمنا البخّور. يُرتل بعدها الشّعب "أرسل الله ابنه الوحيد نورًا للأمم".

في ختام التّساعيّة يبارك المحتفل بالقربان المقدّس الشّعب الذي يُعلن:" قُدُّوس، قُدُّوس، قُدُّوس، أنتَ الرّبّ القويُّ إلهُ الصَّباؤوت."

فيالختام نتمنّى أن يحفّزنا هذا التّأمّل على المشاركة في تساعيّة الميلاد استعدادًا لولادة الطّفل يسوع كما ونتمنّى للجميع أعيادًا مجيدة."