دينيّة
06 آب 2020, 07:00

خاصّ - تجلّي الرّبّ صورة المكان المعدّ لنا

غلوريا بو خليل
يخصّص المسيحيّون السّادس من آب ليحتفلوا بعيد تجلّي الرّبّ أو عيد الرّبّ، وفيه تتناول الكنيسة المارونيّة إنجيل القدّيس مرقس (9 / 1- 7)، حيث يعطي المسيح الصّورة الحقيقيّة عن المكان المعدّ لنا إن حملنا صليبه وتبعناه بإيمان وأمانة. للغوص ولفهم أبعاد هذا التّجلّي وتوضيح معانيه كان لموقعنا حديث مع نائب رئيس رعيّتي مار أليشاع وسيّدة بزعون في بشرّي الرّاهب المارونيّ المريميّ الأب دومينيك نصر.

عن معنى كلمة التّجلّي أوضح شارحًا: "إذا أردنا أن نفتّش في المعجم نرى أنّ كلمة تجلّي تعني: الظّهور والانكشاف، ظهر بإشراق أكثر والمعنى الكتابيّ، تعود كلمة "التّجلّي" إلى الكلمة اليونانيّة "Metamorphosis" وتعني التّغيّر أيّ ما بعد الشّكل فـ "Meta"تعني بعد و "Morphe"تعني الشّكل".

 

ولماذا نعيّد عيد التّجلّي في هذا النّهار أوضح الأب نصر: "إرتبط هذا العيد بعيد تكريس بازيليك جبل الطّور أو ثابور الواقع في القسم الجنوبيّ للجليل الأسفل شمال مرج ابن عامر في فلسطين. كما أنّ القدّيس يوحنّا يقول إنّ التّجلّي حصل قبل أربعين يومًا من الصّلب ولأنّ عيد الصّليب في ١٤ أيلول قد حدّد عيد التّجلّي في ٦ آب."

 

أمّا عن أهمّيّة الجبال فقال: "إنّ الله في معظم الأحيان يصنع الأعاجيب والتّوصيات الكبيرة على الجبال"، وأردف الرّاهب المارونيّ المريميّ مضيفًا: إنّ "الجبال في الكتاب المقدّس وعند كلّ الحضارات والأديان، هي مهبط الوحي، وشموخها رمز للمهابة. الجبال العالية كانت تجعل المؤمن يشعر بأنّه قريب من الله لذلك يكرّس الجبل لحضور الله. ونرى معظم الأحداث المهمّة عبر التّاريخ في الكتاب المقدّس حصلت على الجبال. (ظهور الله لموسى وإعطاءه الوصايا العشر، التّطويبات،...)

 

وفي ذاك اليوم، اصطحب الرّبّ معه بطرس ويعقوب ويوحّنا فقط، "والسّبب العميق يقوم في حكمته الإلهيّة، إذ هو وحده الّذي يحمل الجواب الدّقيق ويعرفه. كما نرى أنّ هؤلاء الثّلاثة رافقوه أيضًا عندما أقام الرّبّ إبنة يئيروس وفي بستان الزّيتون أخذهم ليصلّوا معه. رافقوه في مجده وأعاجيبه وحزنه.

من جهة أخرى، اختار ثلاثة فقط منسجمًا مع الشّريعة الّتي تنصّ على أنّ كلّ شهادة ينبغي أن تقوم على فم شاهدين أو ثلاثة.

كما نرى أن تجلّي الرّبّ حصل على ثلاثة مراحل: في المرحلة الأولى تغيّرت هيئة الرّبّ يسوع، في المرحلة الثّانية أضاء وجهه كالشّمس، وفي المرحلة الثّالثة صارت ثيابه بيضاء كالشّمس."

 

ثمّ علّل نائب رئيس رعيتيّ مار أليشاع وسيّدة بزعون في بشرّي سبب ظهور موسى وإيليّا وتحدّثهما مع يسوع، فقال: "ظهور موسى وإيليّا يرمز إلى النّاموس والأنبياء. بيسوع تمّ النّاموس وبه تمّ تحقيق نبوءات العهد القديم. وتمّ التّحدّث عن كلّ الأحداث والنّبوءات الّتي وردت في العهد القديم وسوف تتمّ بشخص الرّبّ يسوع المسيح. "

 

هذا ويتربط إنجيل التّجلّي بـ"المظال"، فما هي؟ "المظال- يقول الأب نصر- تعني الخيمة. والتّجلّي هو عيد كان الشّعب اليهوديّ يقيمه لمدّة سبعة أيّام (لاويين 23: 34-42) ورغبة بطرس بإقامة ثلاث مظال: واحدة ليسوع وواحدة لموسى وواحدة لإيليّا، هي رغبة التّلاميذ بالتّمتّع بمجد الله وبهائه. لكن الآب السّماوي بجوابه "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا" أراد أن يفهم التّلاميذ أنّه بحضور الابن وتجسّده وتجلّيه تزول كلّ الشّرائع والنّبوءات ويصبح هو الشّريعة وفيه تتمّ كلّ النّبوءات."

 

وعن سؤال "لماذا كان جواب الرّبّ يسوع للتّلاميذ بأن لا يخبروا أحدًا وليمضو إلى أورشليم؟"، فأوضح الأب نصر قائلاً: "أظهر يسوع مجده لتلاميذه بعد عدّة أيّام من تنبّوئه لهم بموته. وهي رسالة لبطرس، نائب الرّبّ يسوع على الأرض، ولكلّ تلميذ من تلاميذ الرّبّ يسوع، أنّه لا يمكن أن نبقى فقط مذهولين وفرحين بتجلّي الرّبّ في حياتنا ولكن هناك أيضًا صليب يجب حمله والسّير به نحو الموت فالقيامة".

 

وفي الختام، استخلص الأب نصر حديثه منهيًا: إنّ "الرّبّ يسوع يقول لنا اليوم في هذا العيد المبارك. أنا معكم طول الأيّام وسوف أتجلّى دائمًا في حياتكم ولكن انتبهوا جيّدًا ألّا تنبهروا بالظّهورات والتّجلّيات والأعمال الخلّاقة الرّائعة عليكم دائمًا أن تسمعوا صوت أبي السّماويّ الّذي يقول "له اسمعوا". أيّ علينا الإصغاء لعمل الله في حياتنا. وقبل الجلوس وإقامة مظلّة للتّمتّع بجمال الله علينا السّير نحو حمل الصّليب فالموت فالقيامة."