دينيّة
02 كانون الأول 2018, 08:00

خاصّ - "النّفس السّائرة في طريق الرّبّ لا تَتْعب ولا تُتعب"

غلوريا بو خليل
ها هي حاملة الله تزور نسيبتها، فيلتقي العهدان وتتّضح الصّلة الخفيّة وتبدأ مسيرة الطّفلين بحسب التّاريخ المقدّس الذي يكمل روايته القدّيس لوقا في إنجيله اليوم عن زيارة مريم العذراء لنسيبتها أليصابات (لوقا 1/ 39 _ 45). ولنكون أمناء بإيصال الشّرح اللّيتورجيّ، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث مع الأب ميشال عبّود الكرمليّ الذي فسّره لنا بتأمّل دقيق استهلّه قائلًا:

 

"بدايةً، إنطلقت مريم مسرعة إلى الجبل لخدمة أليصابات، من دون أن يقول لها الملاك بأنّ أليصابات تدعوكِ أو أنّ الله يطلب منك أن تذهبي وتخدميها. إنطلقت مريم من تلقاء ذاتها، وذلك كي تعلّمنا أنّه من يريد أن يخدم الآخر لا ينتظر أن يُطلب منه، بل يبحث عمّن عليه أن يخدم، وهذه الانطلاقة هي انطلاقة مجّانيّة. وعندما دخلت مريم إلى بيت أليصابات، قالت لها الأخيرة: "فما إن وقع صوت سلامك في أذني حتّى ارتكض الجنين ابتهاجًا في بطني"، وهذه علامة على أنّ كلمات مريم تريح وتعطي السّلام، وما هو إلّا لأنّها سمعت كلمة الله وعاشت هذه الكلمة، وهذا ما يؤكّده القدّيس يوحنّا للصّليب الذي قال: "النّفس السّائرة في طريق الرّبّ لا تَتْعب ولا تُتعب"، فمن يسمع كلمة الله يريح من حوله ويعطي السّلام."

 

وأكمل الأب عبّود شارحًا: "هناك أشخاص عندما نصادفهم ونلتقي بهم يكونون كورقة نعوة، فلا يقولون إلّا السّيّء، ولا ينطقون إلّا بالملامة، ولا يشكرون، ولا يكون في حديثهم سلام ولا في كلامهم طمأنين... ولكن في هذه المشهديّة تهتف أليصابات وتقول: "ارتكض الجنين ابتهاجًا في بطني"، لنرى أنّ حضور مريم يعطي الفرح، وأنّه لقاء العهدين: القديم ممثّلاً بيوحنّا المعمدان وهو ما زال جنينًا، والجديد الّذي هو مع يسوع المسيح وهو في حشا أمّه، وهنا يكمل يسوع هذا العهد ليبدأ معه العهد الجديد. وأمام هذا اللّقاء، تهتف أليصابات: "مباركة أنت في النّساء ومباركة ثمرة بطنك"، وهذا ما نصلّيه دومًا في صلاة السّلام الملائكيّ، حتّى نعرف كيف نتوجّه بأنظارنا إلى مريم ونجدها أعظم الخلائق. هي الّتي انتقاها الله واسطفاها، هي التي أعصمها من دنس الخطيئة الأصليّة لأنّها ستحمل الخالق في حشاها، وإنّها مريم أمّ يسوع. وبهتاف أليصابات "مباركة ثمرة بطنك"، نرى هذا الاتّحاد الوثيق بين مريم وبين يسوع، اتّحاد لا نقدر أن نفصله أبدًا. وها هي أليصابات تكمل قائلة: "من أين لي أن تأتيني أمّ ربّي"، وهذا ما نقوله في السّلام الملائكي: "يا قدّيسة مريم يا والدة الله"، فنعترف أنّ مريم هي أمّ الله، لأنّ أليصابات قالته بوحي من الرّوح القدس، وهذا ما يعطي الاعتبار لمريم العذراء والإكرام لها في قلب الكنيسة."  

وإختتم الأب الكرمليّ قائلًا: "مع مريم نتعلّم الخدمة، مع مريم نتعلّم أن نأخذ السّلام من كلمة الله وننقله للآخرين، ومع أليصابات نتعلّم أن نكرّم مريم ونعرف قيمتها في حياتنا."