دينيّة
12 كانون الأول 2021, 08:00

خاصّ- الشمالي: لنقم ولنمضِ قدمًا لأنّ الرّبّ معنا

غلوريا بو خليل
كان يوسف خائبًا وخائفًا ومجروحًا، لكنّه في الوقت نفسه كان مستسلمًا لإرادة الرّبّ. وفي خضمّ خيبته وألمه أتى الملاك ليبشّره ويطمئنه طالبًا منه ألّا يخاف. وكأنّ هذا الطّلب نفسه يطلبه الله منّا في أيّامنا التي نعيشها نحن اليوم، أيّام مليئة بالخوف على كلّ الأصعدة. ولكي نفهم هذا التّطمين الذي أطلقه الملاك ليوسف، وبالتّالي لكي نفهم أهميّة الاستسلام لإرادة الرّبّ ولحكمته وللعيش برجاء، كان لنا حديث ليتورجيّ في زمن الميلاد هذا عن إنجيل القدّيس متّى (1 / 18 – 25) المعنون "البيان ليوسف" مع كاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار الشّماليّ.

 

إستهلّ الخوري الشّماليّ حديثه قائلًا: "بهذه العبارة "لا تخف" بادر الرّبّ صفيّه يوسف لكي يأخذ مريم إمرأته. ولم يكن على يوسف سوى أن يتأمّل بكلام الرّبّ وبقدرته فهو لم يجب بكلام، ولم يطرح شكوكه وتساؤلاته، إنّما كان صامتًا، نائمًا، ومستسلمًا، تاركًا ذاته بين ذراعي أبيه السّماويّ.

"لا تخف يا يوسف"، وكأنّ في هذه الكلمات الكثير الكثير من القوّة، وليس أيّة قوّة، إنّما قوّة الله. هو الذي يدعو إلى عدم الدّخول في دوّامة الخوف، الخوف من نظرة المجتمع والآخرين، ومن كلام الشّريعة.

عندما نعترف أنّ ابن الله تجسّد من أجلنا ومن أجل خلاصنا، فأمام البيان ليوسف ندرك أنّه أتى ليحرّرنا وليخلّصنا من حذرنا وقلقنا وخوفنا. ومع كلّ ما نعيشه اليوم نلاحظ كم يزداد فينا مستوى الحذر والخوف: نحذر من السّياسيّين، نحذر من الأحزاب التي لا تشبهنا، نحذر من وسائل الإعلام، ونحذر من الدّيانات الأخرى، وربما نحذر أيضًا من الكنيسة...".

وتابع: "من المؤكّد أنّ الحذر ضرورة، ولكن عندما يسيطر على حياتنا يدخلنا ضمن حلقات مغلقة لا تقود إلّا إلى الانعزال. غالبًا ما يوصلنا الحذر والخوف إلى التّقوقع ضمن عائلتنا، أو أن نكتفي بأفكارنا، أو لا نعود نهتمّ إلّا بمصالحنا ورغاباتنا...

لقد تجسّد ابن الله ليخلّصنا من هذا الحذر. وبتجسّده يؤكّد على عمق ثقته بإنسانيّتنا. فهو يدرك بأنّنا قادرون على فعل الخير، وعندما يهبنا الله ثقته، فهو يأتي ليخلّصنا من حذرنا ومن تجربة الانغلاق على الذّات تمامًا كما كان يوسف يستعدّ للدّخول في هذه الحالة من التّقوقع.

"لا تخف يا يوسف" من ذاتك ومن ضعفك لأنّ نعمة الله التي ظلّلت مريم هي تظلّلك وتمضي بك إلى الأمام. لا تخف من هواجسك وأفكارك وطموحاتك وأحلامك، بل دع الرّبّ يكون هو حلمك ومستقبلك وحياتك وفرحك."

وإختتم الخوري الشّمالي حديثه بكلمة تشجيعيّة قائلًا: "ما أكثر أشكال الخوف الذي يتغلغل في نفوس البشر ليسيطر عليهم ويجعلهم كالعبيد. ها هو الرّبّ اليوم يقول لكلّ واحدٍ منّا: "لا تخف!". لنقم، نحن أيضًا، ولنمضِ قدمًا لأنّ الرّبّ معنا."