ثقافة ومجتمع
09 تموز 2017, 13:00

خاصّ - الزّواج.. سرّ أو استعراض؟

تمارا شقير
.هي نَعَمٌ أبديّة تُكلّل حياة كلّ حبيبين، نَعَمٌ مُقدّسة مبنيّة على الحبّ والتّفاهم والشّراكة يتّحد من خلالها العاشقان ليصبحا، بمباركة الله الآب، جسدًا واحدًا

 

سنوات تمضي والحبيبان يحلمان بالفرحة الكبيرة، أشهر تمرّ وهما يتحضّران لها بحماس فريد، ليأتي انتظار هذا اليوم صعبًا إذ تُذيب حرارة الشّغف جماد الصبّر في ترقّبه.

وها هو بعد عمق تنظيم، يحلّ اليوم الكبير ببهجة عظيمة لينثر بريق الحبّ والأمل ويشرّع أبواب بيت مستقبليّ سيحضن عائلة مباركة لدهر عارم بالأفراح والتّضحيات.

في هذا اليوم إذًا، تحتلّ السّعادة قلوب العروسين والأهل والأصدقاء، يصدح صدى الأغاني في سماء تشهد على اقتران حبيبين بالحبّ والأمل والاحترام والهناء.

جميلة تتلألأ أجواء التّهلّل ولامعة برّاقة تتألّق الغبطة في هذا اليوم، غير أنّها باتت، في كثير من الأحيان، تطغى بأنانيّة على جوهر الأعراس الأساسيّ، وتقضي بلا خفر على القيمة الرّوحيّة لرتبة الإكليل.

وانطلاقًا من ظاهرة "الأبّهة" التي تطبع معظم الأعراس في مجتمعنا اللّبنانيّ المادّيّ، جال موقع "نورنيوز" الإخباريّ على عدد من المواطنين للاطّلاع على آرائهم من هذه المسألة.

أكّدت ج. د. أنّ كلّ عروسين باتا يستهتران بالنّعمة المقدّسة التي يفيضها الله عليهما من خلال رتبة الإكليل، مشيرة إلى أنّ المظاهر تحتلّ قائمة أولويّاتهما.

ر.م. اعتبرت أنّ رتبة الإكليل فقدت قيمتها الرّوحيّة، إذ إنّ المدعوّين يفضّلون التقاط الصّور خارج الكنيسة على حساب المشاركة في الذّبيحة الإلهيّة.

وأضاف ج.ح. على ذلك قائلًا إنّ بعض المدعوّين يراقبون الآخرين خلال رتبة الإكليل وينتقدونهم على تصرّفاتهم وملابسهم ويعلّقون على أدقّ التّفاصيل.

آراء المواطنين أجمعت إذًا على طغيان مظاهر التّباهي والاعتبارات المادّيّة على القالب الرّوحيّ السّاميّ الذي يغلّف سرّ الزّواج، فما هو موقف الكنيسة من ذلك؟

"من الجميل الاحتفال بالزّواج بفرح كبير، إلّا أنّ الجمال الحقيقيّ يكمن في عيش جوهر هذا السّرّ وفي التّشبّع روحيًّا قبل نيله"، هذا ما أكّده الأب فادي بستاني في حديث لموقعنا لافتًا إلى أنّ "الرّوح القدس يتجلّى في هذا السّرّ، ولا بدّ من الاستعداد جيّدًا له، لأنّ الثّنائيّ بات اليوم غير قادر على الثّبات في هذه النّعمة".

بالأسف نتأمّل الأعراس اللّبنانيّة تفقد جوهرها الرّوحيّ، إذ يتلهّى العروسان بتفاصيل الزّفاف الأكثر فخامة وغلاء بدءًا من الثّياب مرورًا بالسّيّارات والزّفّة والورود وصولًا إلى المطعم والمفرقعات النّاريّة، تفاصيل تلهيهما حتّى عن الإصغاء إلى كلام الرّبّ وفهم سرّ الزّواج المقدّس خلال رتبة الإكليل.

مجتمعنا إذًا يبدّي الكماليّات الفانية في الأعراس على حساب العهد المقدّس الأبديّ الذي يمنحه الله للثّنائيّ، غير مدرك أنّ بهذه النّعمة العظيمة فقط يتسلّح إيمانيًّا وروحيًّا لمواجهة صعاب الحياة الزّوجيّة اليوميّة المصحوبة بالتّضحيات؛ فإن قال الله عن الزّواج إنّه "سرّ مقدّس سماويّ" فلماذا يحوّله الثّنائيّ إلى "جهر وجاهة دنيويّ"؟