ثقافة ومجتمع
27 أيار 2016, 17:32

خاصّ- الراعي في مئويّة المجاعة الكبرى في جبل لبنان في "الحكمة": كيف لا تجرؤ الدول أن تسميها "إبادة"؟

تمارا شقير
برعاية البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي وحضوره عقد المركز الماروني للتوثيق والأبحاث مؤتمر مئوية المجاعة الكبرى في جبل لبنان في حرم جامعة الحكمة - فرن الشباك، وذلك بحضور السفير البابوي في لبنان غابرييال كاتشا ولفيف من الأساقفة والكهنة والراهبات وفعاليات وحشد من الفعاليات الثقافيّة، الإجتماعيّة و السياسيّة.

بدأ المؤتمر، الذي قدّمه الدكتور أنطوان نجيم وافتتحه المدير العام للمركز الماروني للتوثيق والأبحاث الخوراسقف سعيد الياس سعيد، بالنشيد الوطني اللبناني.

رحّب سعيد بالحضور وأشار الى ضرورة تربية الأجيال على معرفة الماضي لضمان تحسين الحاضر.

وبعدها ألقى البطريرك الراعي كلمة عبّر فيها عن فرحته بمشاركته بهذا المؤتمر شاكرًا المركز الماروني للتوثيق والأبحاث على التنظيم. وذكر الراعي الأهداف الثلاثة لإقامة هذا المؤتمر: الهدف الأول هو لإحياء ذكرى أهالي جبل لبنان، الثاني لإحياء ذكرى من وقف الى جانبهم، أما الثالث فهو لنتساءل كيف أمام مأساة كهذه لا تجرؤ الدول أن تسميها "ابادة" وكيف يمكن لدولة صغيرة أن تبقى أسيرة مصالح دول كبرى تفتك بها؟ كما أعرب الراعي عن قلق المسيحيين وغير المسيحيين من سهولة استباحة حياتهم والإستهانة بكرامتهم والتلاعب بمصيرهم. وختم الراعي كلمته بتسليط الضوء على أهمية المؤتمر الذي يأمل أن يشكّل انطلاقة عمل جدّي للدولة للإلتزام بواجب اخراج اللبنانيين من حالة الفقر والجوع والحرمان.

تلا كلمة الراعي فيلم وثائقي من اعداد الإعلامية يولاند خوري تناول المأساة التي عانى منها أبناء جبل لبنان خلال فترة الإحتلال العثماني.

وتفرّعت أعمال المؤتمر على أربعة مواضيع تناولت الإطار العام للمجاعة، واقعها في جبل لبنان، دور الكنيسة وسواها في التصدّي لها، ونتائجها بالنسبة الى دولة لبنان الكبير.

في الموضوع الأوّل، تحدثت الدكتورة اوجيني تنوري عن سياسة الأتراك تجاه الأقليات موضحة أنّ هذه السياسة خضعت للنظام الإقطاعي ونظام الإمتيازات الأجنبية وأنّ الأتراك بدأوا تدخلهم منذ بداية عهد الإمارة. أما البروفيسور أنطوان حكيّم فعالج مسألة المجاعة بين الحصارين البحري والبرّي، فقدّم الإطار التاريخي للحصار البحري وانعكاساته على الدول المتحاربة وعرض اجراءات جمال باشا التجويعية البرّية.

في الموضوع الثاني، تحدّث الدكتور عبد الرؤوف سنو عن المجاعة من وجهة نظر ألمانيّة، ذاكرًا أنّ المعلومات لا تؤكد أنّ الألمان استحوذوا على القمح بل تقول إنّهم كانوا على علم بتفاصيل المجاعة ومعاناة الشعب. ويعتبر أنّ الألمان يتحملون جزءًا من المسؤولية الأخلافية والإنسانية. بينما الدكتور علي شعيب تتطرق الى مسألة المجاعة في الساحل الجنوبي اللبناني قائلاً إنّ فواجع الحرب أصابت أيضًا جبل عامل بالنزوح والهجرة.

في الموضوع الثالث، تكلّم الدكتور رمزي سلامة عن النازحين من المجاعة ليشير الى أنّ النزوح كان سببًا من أسباب افراغ الجبل من سكانه. وعن دور الرهبانيات في مقاومة المجاعة، أوضح الخوري الياس الحلو أنّ نشاطاتها كانت روحية، رعائية، اجتماعية واقتصادية. وختم الدكتور عصام خليفة الموضوع معالجًا مسألة المستندات الخارجية للتصدي للمجاعة في لبنان، وحذر من الإنهيار ومعاناة الشعب اليوم من كوارث اقتصادية وسط امعان أهل السياسة في مخالفة الدستور.

وكان الموضوع الرابع اختتامًا للمؤتمر، عرض فيه المطران سليم مظلوم خلاصات كان لجزء منها دور أساسي في انشاء دولة لبنان الكبير، وهي: الكيان اللبناني وخصوصيته، بنية الجبل التنظيمية، الإرتهان للخارج، التضامن والإستغلال وتوسيع حدود أم استرجاع حقوق؟ واختصر هذه الذاكرة بنعتها بالإنقلابية، التضامنية والجماعية.

تجدر الإشارة الى أنّه تخلل المؤتمر اطلاق كتاب "مجاعة أهالي جبل لبنان – خلال الحرب الكونيّة الأولى 1914-1918" للخوري اسطفان ابراهيم الخوري الذي فسّر أقسامه ومحتواه مؤكدًا أنّه كان من الضروري وضع دراسة علمية للموضوع في ظلّ غياب ذلك.