دينيّة
28 شباط 2021, 08:00

خاصّ- الخوري كرم: هل تقف بجرأة أمام الجميع وتعلن إيمانك؟

غلوريا بو خليل
من منّا في هذا الزمن لا ينزف ويتألّم بصمت أو بعلانيّة... من منّا لا يرجو الشّفاء من نزيف القيم والأخلاق والأنانيّة وانحدارها... من منّا لا يرجو الشّفاء من الوباء والمرض في عصر قلّت فيه الإنسانيّة والرّحمة. لكن وعلى الرّغم من كلّ هذا القهر والسّواد يظلّ إيماننا ورجاؤنا خلاصنا الوحيد، على مثال المرأة النّازفة ويئير في إنجيل أحد شفاء النّازفة للقدّيس لوقا (8: 40- 48) الذي يضع أصبعه على جرحنا، فيعطينا نفحة أمل وإصرار لنمضي قدمًا بدون خوف أو تلكّؤ، كلّنا ثقة بمحبّة ربّنا يسوع المسيح وحنانه ورحمته. ولكي نتعلّم من إيمان المرأة النّازفة وندخل إلى الحياة المسيحيّة الحقّة، كان لموقعنا حديث مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم.

"لقد زاع صيت يسوع بعد أن قام بأعاجيب عديدة. فهو السّيّد المطلق على عناصر الطّبيعة وعلى الأرواح الشّرّيرة وعلى الأمراض. الجموع تنتظره وبينهم يئير رئيس المجمع الّذي أسرع وسجد أمامه وتوسّل إليه ليدخل بيته ويشفي ابنته الوحيدة الّتي شارفت على الموت." بهذه الكلمات استهلّ الخوري كرم حديثه وتابع قائلًا: "إمرأة مريضة كانت أيضًا تنتظر مثل يئير عودة يسوع ولكنّها كانت تنتظره بالخفاء. وحدها عرفت أن تجذب قوّة الشّفاء من يسوع بطريقة غير معلنة. لقد غامرت واندسّت بين الجموع واكتفت بلمس طرف رداء يسوع فنالت حالًا الشّفاء من مرضها. لكنّ الرّبّ يسوع أراد ألّا يوضع الإيمان تحت المكيال بل المجاهرة به من أجل بناء الجماعة، وطرح السّؤال "من لمسني؟"، فوقف الموكب ووقفت المرأة النّازفة وأعلنت إيمانها. بسبب تأخير الموكب أتى من يقول ليئير "إنّ ابنتك قد ماتت فلا تتعب المعلّم" (لوقا 8: 49)، وذلك بسبب المرأة النّازفة. لكنّ يسوع هو الّذي أوقف الموكب وليست المرأة النّازفة، فهي كانت تفضّل أن يبقى أمرها خفيًّا لكنّ يسوع أراد أن يعلن شفاءها وإيمانها، ومن حقّها أن تعلن إيمانها ولا يبقى خفيًّا لأنّ الشّفاء لا يعني المرأة فقط بل يعني الجميع. وبفضل الشّرح قال لها يسوع إيمانك أحياك."

وإستطرد الخوري كرم موضحًا: "الأعجوبة تحصل إذًا بقوّة الإيمان وليس بلمسة سحريّة. هذا الإيمان ينبغي ألّا يبقى خجولًا بل أن يعلن بجرأة "تشجّعي يا ابنتي". الإيمان يتطلّب الشّجاعة ليصبح شهادة تجاه الآخرين من أجل بناء الجماعة ونموّها في الإيمان وثقتها بأنّ الرّبّ هو الشّافي الوحيد. علاقة المؤمن بربّه علاقة شخصيّة حتّى لو كان بين الجموع، ولكن ما يناله من نِعم ينبغي أن يُعلن أمام الجماعة كشهادة حيّة لقوّة الإيمان فالنِّعم لا تعطى خفيّة بل لتبني الكنيسة."

وإختتم كاهن رعيّة بشلّلي كلمته الرّوحيّة بعبرة للعيش سائلًا: "هل يسوع هو سيّد الحياة في خبرة لقاء مع إله حيّ وقد اختبرت الكثير من الأحيان لمسته المباركة ومعجزاته الّتي طبعت وغيّرت وبدّلت أمورًا كثيرة في حياتك ومنحتك حضورًا جديدًا؟ هل تقف بجرأة أمام الجميع وتعلن إيمانك في مجاهرة إيمانيّة من أجل البناء؟" وأكمل: "أخي الحبيب زمن الصّوم المقدّس هو مسيرة الشّفاء والامتلاء واستقبال ملء الحياة الّتي تكتسبها من علاقتك بالمسيح من خلال الكتب المقدّسة وأسراره المقدّسة. كن شاهدًا للرّبّ فالمحبّة تنفي الخوف!"