خاصّ- الخوري كرم: القوّة الإلهيّة تكمن في الضّعف والفقر
إستهلّ الخوري كرم تأمّله بشرح ولادة يسوع، فكتب:
"حسب نبوءة النّبيّ ميخا "أمّا أنت يا بيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الّذي يكون متسلّطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيّام الأزل." (ميخا 5: 2)؛ سيولد يسوع في بيت لحم. تسكن مريم في النّاصرة التّابعة لمقاطعة الجليل.
الله في عنايته الإلهيّة، يوجّه الأحداث. لذلك أغسطس أمر بإحصاء سكّان الإمبراطوريّة. نرى أنّ الإمبراطور يعمل من دون أن يدري لتحقيق أجمل نبوءة في الكتاب المقدّس.
على مريم خطيبة يوسف أن تذهب إلى بيت لحم من أجل الإحصاء. إنّ الملك داود ولد في بيت لحم. كذلك إبن داود عليه أن يولد في بيت لحم. إنّ ذلك هو تتميم للنّبوءات.
نصّ لوقا يتكلّم عن انحدار إبن الله. الخالق دخل عالمنا وقد شابهنا بجسد بشريّتنا الضّعيفة، شابهنا بكلّ شيء ما عدا الخطيئة. من هو الله في الأبديّة، دخل الزّمن بكلّ طوعيّة، طفل صغير ملفوف بالأقمطة ومحمول بين ذراعيّ أمّ متواضعة وفقيرة.
سرّ التّجسّد لم يعط للعالم أيّ أهميّة، لم يكن له محلّ في الفندق. رفض من الشّعب في أوّل دخوله للعالم. السّيّد وضع في مزود للحيوانات.
لوقا إنجيل العائلة البشريّة والعواطف، مريم اهتمّت بحنان بالمولود الجديد "فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل." (لوقا 2: 7)، ويوسف بجانب خطيبته "فجاءوا مسرعين، ووجدوا مريم ويوسف والطّفل مضجعًا في المذود." (لوقا 2: 16)".
وإنتقل بعدها للتّحدّث عن الرّعاة والملائكة، فكتب شارحًا: "بينما يعلن متّى مجيء ملك إسرائيل، لوقا يعلن ولادة المخلّص. لا يتوجّه للوجهاء ولأغنياء الشّعب والمجوس، ولكن يتوجّه للفقراء.
الرّبّ في تجسّده أخذ محلّ المرفوضين في العالم، وهم مثله ضحايا أنانيّة البشر.
إن لم يكن له محلّ في الفندق، لقد وجد له محلّ في قلوب الرّعاة.
الرّعاة يهتمّون ويسهرون على الخراف، أتوا ليتأمّلوا بالرّاعي الصّالح الّذي أتى لكي يبحث عن الخراف ويخلّص الخروف الضّالّ.
الملائكة يقومون بأروع رسالة، إنّ من انحدر من الأزل هو نفسه موجود هنا في المزود، وفي مجد نعمته اقترب من البشر لكي لا يخيفهم "وكان في تلك الكورة رعاة متبدّين يحرسون حراسات اللّيل على رعيّتهم، وإذا ملاك الرّبّ وقف بهم، ومجد الرّبّ أضاء حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا." (لوقا 2: 9- 10).
هذه البشرى الجديدة لم تتوجّه فقط للرّعاة، بل لجميع الشّعوب.
أعطيت لهم علامة "وهذه لكم العلامة: تجدون طفلًا مقمّطًا مضجعًا في مذودٍ." (لوقا 2: 12) ليس نجمًا في السّماء "أين هو المولود ملك اليهود؟ فإنّنا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له." (متّى 2: 2) لكن مولود جديد في مزود.
إنّ القوّة الإلهيّة تكمن في الضّعف والفقر "فإنّكم تعرفون نعمة ربّنا يسوع المسيح، أنّه من أجلكم افتقر وهو غنيّ، لكي تستغنوا أنتم بفقره." (كورنثوس الثّانية 8: 9)
إن كانت الأرض صامتة، فالسّماء تدوي بالتّراتيل.
الملائكة يتأمّلون بخالقهم في المولود الجديد. إنّه رئيس عائلة بشريّة جديدة.
يسبّحون لمن يقدّم السّلام للخطأة وهم بسبب الخطيئة جعلوا من ذاتهم أعداء الله.
الملائكة سمعوا وطاعوا وتأمّلوا وهم الشّهود الأول ليسوع.
مريم حفظت كلّ الأشياء في قلبها "وأمّا مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكّرة به في قلبها." (لوقا 2: 19)؛ "ثمّ نزل معهما وجاء إلى النّاصرة وكان خاضعًا لهما. وكانت أمّه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها." (لوقا 2: 51)
العلامة المعطاة للرّعاة "طفل صغير في مزود" (لوقا 2: 12) دعمت إيمان مريم ويوسف. هذا الطّفل هو حقًّا المخلّص المعلّق عنه."
إختتم الخوري كرم شرحه المرتكز على العهدين القديم والجديد بعبرة للعيش سائلًا: "هل التّأمّل بالرّبّ يسوع يجعل منك مواطنًا على مثال الرّعاة؟ "تمجّد وتسبّح الرّبّ" (لوقا 2: 20) ؟ ومثل المجوس تغيّر في مسيرة حياتك؟"