خاصّ- الخوري زغيب: هل نعرف أن ننطلق من الإيمان إلى السّجود الحقّ؟
وتابع: "بدأت المرأة بالصُّراخ قائلة: "إرحمني، يا ابنَ داود!". وما هذه الصَّرخة سوى تنهُّد جميع الموجوعين والمظلومين والمهمَّشين: من برْ طيما الأعمى، إلى الأعميَين في إنجيل متَّى (مت 20: 29-34)، إلى الكنعانيَّة. ومن دون أنْ تدري، أعلَنَت هذه المرأة إيمانَـها بيسوع ربًّا لها، وأعلَنَتْ أنَّه المسيح الـمُنتَظَر ابن داود. إنُّه الإيمانُ الـمُعلَنُ مِنَ الشَّفَتَين: "مَنْ يؤمنُ بي ...".
ولكنَّ الكنعانيَّة لم تكتفِ بإعلانِ إيمانٍ شفهيّ، بل اقترَبَتْ منه وسجدَتْ له. حوَّلَتْ إيمانُها إلى فعلِ سجودٍ، إلى عبادة. إنَّها العبادة الحقيقيَّة الَّتي يطلبها الإبن الوحيد: "بالرُّوح والحقّ" (يو 4: 24). وهذا السُّجود، هو الطِّلْبةُ الحقَّة الَّتي يقبلها الإبن قربانًا مرضيًا وذبيحةً روحيَّةً من أجل خلاص العالم. فهل ننجح في أنْ نحوِّلَ إيماننا المتوارث والشَّفهيّ إلى فعلَ عبادةٍ حقيقيّ، بخاصَّةٍ في اللِّيتورجيا المقدَّسة؟"
وإختتم الخوري زغيب مستخلصًا: "أمام هتاف الكنعانيَّةِ وسجودها للإبن، لم يبقَ الابنُ غير مبالٍ. بل تيقَّنَ مدى عظمة إيمانها، وأدرَكَ أنَّها صادقةٌ، ثابتة، فبادرَها بجوابٍ هو للبشريَّة جمعاء، وليس لها وحدها: "عظيمٌ إيمانكِ! فليَكُنْ لكِ كما تُريدين". أرادها أمثولةً لكلِّ مَنْ يؤمن به إيمانًا لا يتزعزع. فهي على مِثال الآباء الأقدمين (رج عب 11)، استُجيبَ لها، لأنْ "بغير الإيمان يستحيل إرضاءُ الله"؛ والله "يُكافئُ الَّذين يطلبونه" (عب 11: 6). ونحن اليوم، هل تُرانا نشبه هذه الكنعانيَّة؟ هل نعرف أنْ ننطلق من الإيمان إلى السُّجود الحقّ، فيُستجابُ لنا؟!"