خاصّ- الخوري زغيب: "جرّب وضع الحُبّ أوّلًا لتلتمس التّغيير الحقيقيّ في حياتك"
وأكمل: "نيقوديموس هذا الفرّيسيّ المعروف يبحث عن اختبار روحيّ جديد يغمر قلبه بدفئ الحبّ والحنان الإلهيَّين. نيقوديموس الذي يُشبه اليوم الكثير من المسيحيّين الذين يبحثون عن اختبار روحيّ جديد يُشعل قلوبهم بنار الرّجاء والإيمان ولكنّهم خائفون من مجتمع منجرف بالتّقلّبات السّريعة التي تضرب القيم المسيحيّة والإنسانيّة السّليمة وتبثّ سموم التّفرقة وتزرع ثقافة الموت والانحلال من قيود الأخلاق النّظيفة وخنق الشّعور بالخطيئة وبتأنيب الضّمير.
كثر منّا كنيقوديموس نبحث عن اختبار روحيّ يبعث الدّفئ في قلوبنا الممتلئة بخيبات الأمل واليأس علّنا نسمع ما قاله له المعلّم بوجوب الولادة الجديدة من الرّوح لنتنشّق نَفَسَ إنجيل يسوع فتهزّ رياحه العليلة أشرعة مراكبنا التّائهة في بحر هذا العالم.
إلتمسَ نيقوديموس رؤية وجه يسوع على غرار داود الملك القائل في المزمور: "وجهكَ يا ربّ ألتمس". وجه يفيض بالنّور عندما يتكلّم عن الله، إنّه ظمآن ليشرب من ماء الحياة المتفجّرة من ينابيع الخلاص الآتي به يسوع إلى العالم، وليس من مياه البئر القديمة التي لوّثتها الخطيئة ومزجتها بدماء الأبرياء والأنقياء.
لقد حوّل يسوع نظر نيقوديموس من التّحديق إلى الشّريعة وناموسها إلى التّأمّل بوجه الله المنير، فالشّريعة علّمت الإنسان أن يُنفّذ ما يريده الله منه، أمّا يسوع فبيّن للإنسان ما فعلَه الله من أجله بحبّ لامتناهي."
وإستخلص الخوري زغيب تأمّله مثنيًا: "أراد الرّبّ يسوع أن يقول لنيقوديموس:"لقد وضعتَ، يا نيقوديموس، الشّريعة والوصايا في الأولويّة، جرّب وضع الحُبّ أوّلًا لتلتمس التّغيير الحقيقيّ في حياتك. هذا الحُبّ الذي يدفعُكَ لتولد من جديد بالرّوح وتصير ابنًا حقيقيًّا لله". حبّ البشر كقطرات النّدى التي تجفّ مع أوّل لفحة لشمس الصّباح، وحبّ الله مياهه لا تنضب ومنها يولد إخوة يسوع الحقيقيّين الذين لا يخافون الألم والصّلب، بل يعانقون الصّليب ليشربوا ماء الحياة المتدفّق من جنب يسوع المعلّق عليه من أجل خلاص البشريّة جمعاء".