دينيّة
11 أيلول 2022, 07:00

خاصّ- الخوري بومارون: الرّبّ ينتظرني مثل ما أنا، بكلّ خطاياي

نورسات
"لا يذكر النّصّ اسم المرأة، بل اكتفى بوصفها "خاطئة". هذه الصّفة التّي حملتها طوال حياتها بألم وسبّبت لها التّهميش والعزل. فقدت هذه المرأة هويّتها الحقيقيّة وأصبحت الخطيئة الهويّة الجديدة في أعيُن الجميع، واسمها الجديد "خاطئة المدينة". هذه المرأة تمثّل خطأة عالم اليوم: إخوةً وأخواتٍ لنا نحتقرهم، نحكم عليهم، نُلغي عنهم صفة الإنسان ونعطيهم صفة الخاطىء والخاطئة! ننسى أنّ الله يحبّ الخاطىء! "هكذا يكونُ الفَرَحُ في السَّماءِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوبُ" (لو15 /7). بهذا الوصف استهلّ خادم رعيّة سيّدة الزّروع - المعاملتين، جونيه الخوري عزيز بومارون تأمّله حول إنجيل القدّيس لوقا (7/ 36 – 50) للأحد الخامس عشر والأخير من زمن العنصرة الذي يتحدّث عن المرأة الخاطئة.

وتابع تأمّله مفنّدًا الآيات: "عَلِمَت أنَّ يَسوعَ يأكُلُ في بَيتِ الفَرِّيسيِّ، فجاءَت…" أولى علاماتِ الإيمان، الثّقة والشّجاعة: لم يهمّها ما يقولون عنها في بيت الفرّيسيّ حتّى لو طردوها. رغم كلّ شيء تَبِعت يسوع وأصبح هو هدفها الوحيد! ونحن اليوم يا أحبّائي كم نفكّر ما يقول النّاس عنّا إذا عشنا شهادتنا ليسوع بحياتنا! كم نخاف أن نُظهر علامات إيماننا أمام الآخرين، ونحاول أن نُماشيهم بطريقة حياتهم كي لا نكون مختلفين ويسخروا منّا! شهادتنا للمسيح يجب أن تكون شَجَاعة، ثقة وافتخار.

"معَها قارورَةُ طِيبٍ..." لم تأتِ ويدَيها فارغتين! لم تأتِ تطلب من الرّبّ أن يستجيب لحاجاتها أو تطلُب المغفرة! أتت تحملُ أغلى شيءٍ تملكه، قارورة الطّيب، لتكرّم يسوع. وضعت كلَّ ممتلكاتها في خدمة الرّبّ وإكرامه. ونحن؟ ما نوع علاقتنا بالرّبّ؟ أهي علاقة تجارة: أعطيني لأعطيك؟ أصلّي لك فاستجب لي؟ أم هي علاقة مثل هذه الخاطئة: أقدّم لك أغلى وكلّ شيء أملكه لخدمة إنجيلك لأنّي أؤمن بك وبضرورة نشر تعاليمك ليصبح مجتمعنا نقيًّا ومقدّسًا؟

وأكمل: "ووقَفَت مِنْ خَلفٍ عِندَ قدَمَيْهِ وهيَ تَبكي…" ثاني علامات الإيمان هو التّواضع أمام الله، أتت من الخلف!ما أرادت أن تكون هي محور الحدث، بل أرادت أن تخدم الرّبّ بالخفاء!الإيمان هو أن أعرف أنّي لست شيئًا أمام الله، وكلّ قيمتي تأخذ ملأها بنعمة المغفرة التي هي عطيّة من الله.

"وأخذَت تَبُلُّ قَدَمَيهِ بِدُموعِها، وتَمسَحُهُما بشَعرِها..." الدّموع! هي دموعُ توبةٍ صادقةٍ. هي دموعُ فرح لقاء الحبيب يسوع! هي دموع الحبّ الكبير! حبّ التّوبة وحبّ الرّبّ يسوع. إنّها أحبّت كثيرًا، فغُفرت لها خطاياها الكثيرة!

يسوع نبع الحبّ، ينتظر من كلّ شخص منّا أن يبادله هذا الحبّ مهما كنّا خاطئين وغير مستحقّين، الرّبّ يغفر لنا! عليّ أن أُظهر للرّبّ توبتي الصّادقة، وليس فقط ندامتي. التّوبة هي قرار الرّجوع عن الخطيئة إلى حضن الرّبّ، بينما النّدامة هي فقط شعور الأسف والحزن بارتكاب الخطيئة من دون الرّجوع عنها."

وإختتم الخوري بومارون تأمّله مشدّدًا: "الرّبّ ينتظرني مثل ما أنا، بكلّ خطاياي. عليّ أن أفعل مثل هذه المرأة الخاطئة، أن أركض وراء الرّبّ، أن أسجد أمام عظمته وبدموع توبةٍ وبفرح لقائي معه لأسمعه يقول لي: إيمانك خلّصك، فأذهب بسلام. للرّبّ المجد إلى الأبد...".