ثقافة ومجتمع
29 كانون الأول 2016, 14:00

خاصّ- التّنجيم.. خدعة واستغلال

تمارا شقير
توقّعات أم أكاذيب؟ استغلال أم استغباء؟ أسئلة كثيرة تطرح حول موضوع التّنجيم، إلّا أنّ الجواب واحد، فكلّها ظاهرات كاذبة، لا تمتّ للحقيقة بصلّة وتصّب في خانة الشّعوذات.

أصبح علم الغيب في أيّامنا هذه مرضًا يصيب غالبيّة اللّبنانيّين، إذ باتوا مهووسين بأقوال المنجّمين ينتظرونها على أحرّ من الجمر، فهناك من لا يغادر منزله قبل سماع الأبراج أو قراءتها، ومن لا يتّخذ قراراته الشّخصيّة والمهنيّة من دون استشارة المنجّمين.

يتلاعب المنجّمون بأفكار الشّعب ويخدعونه بكلام مراوغ لينظّم الأخير حياته على أساس هذا الكلام الفارغ. أمّا المستفيد الأساسيّ من هذه الظّاهرة فهي شاشات التّلفزة والإذاعات الّتي تحقّق نسبة مشاهدة مرتفعة وأرباحًا هائلة بفضل برامج التّوقّعات وخصوصًا ليلة رأس السّنة إذ يتسمّر المشاهدون أمامها للإصغاء بتمعّن إلى أقوال المنجّمين.

على الرّغم من أنّ المواطن يعي تمامًا أنّ أقوال المنجّمين وتوقّعاتهم جميعها خاطئة إلّا أنّ فضوله يدفعه ليلة رأس السّنة إلى متابعة فقرة التّوقّعات. لذا، إنطلاقًا من هنا، جال موقع "نورنيوز" على عدد من المواطنين اللّبنانيّين للإطّلاع على آرائهم حول ظاهرة التّنجيم والتوقّعات، فأجمعوا بغالبيّتهم أنّهم يشاهدونها بدافع الفضول.

عفيف سعيد مثلًا يشاهد فقرة التّوقّعات للتّسليّة وتمضية الوقت فقط إذ أنّه لا يثق بأقوال المنجّمين، في حين أنّ روني الحجّ على الرّغم من إدراكه أنّ المعلومات خاطئة، فضوله يدفعه إلى متابعة المنجّمين والإستماع إليهم. وجوزيف عازار بدوره يقرأ التّوقّعات في اليوم التّالي على مواقع التّواصل الإجتماعيّ ويعتبرها مجرّد تحاليل يستطيع أيٌّ كان توقّعها. أمّا عبدو عوض وإيلي رحمة، فلا يتابعان التّوقّعات ولا يثقا أبدًا بكلام المنجّمين...

من جهة أخرى، لا شكّ في أنّ للكنيسة رأيها الخاصّ الّذي يتعارض مع مبادئ ظاهرة التّنجيم والتّوقّعات، فأكّد الأب ميشال عبّود في حديث خاصّ مع موقعنا أنّ التّنجيم مرفوض في الكتاب المقدّس لافتًا إلى أنّ علم الفلك لا يمتّ بالعلم بأيّ صلة. وأوضح أنّ من يتّبع التّنجيم ويُبّشر به فهو يسير ضدّ الوصيّة الأولى الّتي تقول: "أنا هو الرّبّ إلهك، لا يكن لك إله غيري"، لذا أوصى باسم الكنيسة جميع المؤمنين إلى عدم الإستماع إلى أقوال المنجّمين متوكّلين على العناية الإلهيّة لتقود حياتهم.

الله لا يُخطئ، الله لا يكذب، الله لا يقتل ولا يرتكب الجرائم، فكيف له أن يكون مصدر إلهام لهؤلاء المنجّمين؟ّ! سؤال يطرح نفسه، إلّا أنّ الجواب يأتي من أبناء الله الذّين يؤكّدون أنّ مصدر إلهام المنجّمين وتوقّعاتهم ليس إلّا الشّيطان الّذي يتحايل على البسطاء وضعيفي الإيمان بغية قتل النّفوس ودمار العالم. ولكن، نسبة المشاهدة ترتفع عامًا بعد عام وشاشات التّلفزة والإذاعات تحقّق أرباحًا هائلة بفضل فقرات التّوقّعات، فما هو سرّ هذا التّناقض بين الأرقام والإحصاءات، ورأي الشّعب؟