خاصّ- البرامج اللّبنانيّة.. مهزلة لاستقطاب المشاهد
ولا شكّ في أنّ الإعلام المرئيّ، لمرافقة الصّورة المتحرّكة له، يحقّق النّسبة الأكبر من المشاهدة متقدّمًا بأشواط على الإعلام المسموع والمكتوب، لكنّه يطرح تساؤلات عديدة متعلّقة بالنّوعيّة التي تُقدّمها هذه البرامج.
من هنا، جال موقع "نورنيوز" على عيّنة من اللّبنانيّين الّذين أجمعوا على غياب الجودة في محتوى البرامج، فريتا معاصري مثلًا قالت إنّ "المستوى الإعلاميّ تراجع كثيرًا وبات يُشّوه صورة مجتمعنا في بعض الأحيان" لافتةً إلى أنّ تبادل الإهانات والكلام غير اللّائق على شاشات التّلفزة أمسى للأسف أمرًا طبيعيًّا.
بدوره أكّد جورج حدّاد أنّ التّنوع في البرامج يغيب إذ أنّها أصبحت جميعها متشابهة مشيرًا إلى أنّ المنافسة الحادّة بينها وصلت في بعض الأحيان إلى التّجريح.
أمّا جيسيكا خوري فوصفت البرامج التّرفيهيّة الجديدة بالـ"السّخيفة" مؤكدةً أنّ هذا المستوى من البرامج تخطّى حدوده إذ بات يخدُش مشاعر المشاهد ويُشّجع على انتشار الفساد الأخلاقيّ.
في المقابل، قد تفضّل شريحة من اللّبنانيّين مشاهدة هذا النّوع من البرامج لتنسى همومها ومشاكلها اليوميّة؛ رفاهيّةٌ ما حجبت رداءة المضمون و"الفلتان" الأخلاقيّ، إذ زادا عن حدّهما وفاقا كلّ التوقّعات، ما دفع بموقعنا إلى الاطّلاع على رأي الإعلاميّ المخضرم يزبك وهبه الذي أكّد أنّ "هناك تراجع كبير على مستوى الأخلاق في البرامج التّرفيهيّة"، مشيرًا إلى أنّ "شركات الإنتاج تبحث اليوم عن السّهل لجذب المشاهد".
وأضاف وهبه أنّ "هذا النّوع من البرامج يحقّق نسبة مشاهدة مرتفعة، فاللّبنانيّون يدّعون عدم المتابعة إلّا أنّ الإحصاءات ونسبة المشاهدة تُثبت العكس".
وختم وهبه: "لا شكّ في أنّ الصّورة الّتي تنقلها هذه البرامج موجودة في مجتمعنا اللّبنانيّ إلا أنّها لا تعكس الواقع بشكل كلّيّ".
في سياق متوازن، لنسلّم جدلًا أنّ بعض اللّبنانيّين لا يتابعون البرامج التي تقدّم مضمونًا مبتذلًا، محاولين حماية أولادهم وأنظارهم ومسامعهم من المهزلة التّلفزيونيّة الحاصلة، إلّا أنّهم، وللأسف، عاجزين عن الابتعاد تمامًا عن الواقع الإعلاميّ المذري هذا، فلا بدّ من أن تلاقي أبصارهم وتسمع آذانهم الدّعايات المروِّجة للحلقات المقبلة لتلك البرامج، دعايات تخترق برامج أخرى فتلوّث سكينة الجودة وتخرق صمت السّموّ وتصادف الجماهير، كبارًا وصغارًا، بكلام رخيص وبالٍ.
بين جودة المضمون ونسبة المشاهدة، تتخلّى المحطّات اللّبنانيّة عن الخيار الأوّل لتحقيق الثّاني بشتّى الطّرق، ولكن إلى أيّ مدى سيتقبّل المشاهد مهزلة البرامج هذه و"فلتانها" الأخلاقيّ؟