ثقافة ومجتمع
19 حزيران 2017, 13:00

خاصّ- الإعدام.. عقوبة محقّة أم ظلمٌ متعمّد؟

تمارا شقير
تصاعدت الأصوات في الآونة الأخيرة مطالبة بتنفيذ حكم الإعدام في لبنان خصوصًا بعد وفاة ابن الثّالثة والعشرين روي حاموش جرّاء تعرّضه لتهديد وإطلاق نار في جلّ الدّيب من قبل أحد "الزّعران" يُدعى محمد حسن الأحمر.

 

لحظة انتشار خبر الجريمة، اشتعلت مواقع التّواصل الاجتماعيّ بمطالبات المجتمع المدنيّ بمعاقبة المُجرم بالإعدام، فأطلق هاشتاغ "أنا مواطن لبنانيّ أطالب #رئيس_الجمهوريّة_اللّبنانيّة بتنفيذ قانون الإعدام وفورًا... #نعم_للإعدام #علّقوا_المشانق".

تأتي مطالبة المواطنين بتنفيذ حكم الإعدام اعتقادًا منهم بأنّ حبل المشنقة يحمل رسالة واضحة، فالإعدام يضع حدًّا لنسبة الجرائم، وهو بمثابة درس لكلّ مجرم إذ بات يعلم أنّ عقابه قد يطال مثوله أمام حبل المشنقة والموت.

ولكن من جهة أخرى، رفض عدد من المواطنين تنفيذ حكم الإعدام بحقّ القاتل، فأكّدت مثلًا ماريا طوق في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ أنّ القاتل يرتكب الجريمة عن غير وعيّ لمعاناته من مشاكل نفسيّة، لافتةً إلى أنّ تأييد حكم الإعدام هو أفظع من الجريمة المُرتكبة لأنّ قرار القتل يُتّخذ عن وعيّ تامّ.

أما نور عطاالله فتعتبر أنّ قتل المُجرم يعني راحته، فبنظرها على القاتل أن يُحاكم بالسّجن المؤبد مع الأشغال الشّاقة ليُعاقب وينال جزاءه اللّازم.

بدورها غادة الدّكاش، ترفض تنفيذ حكم الإعدام لالتزامها بتعاليم ديانتها المسيحيّة، فقالت إنّ الوصيّة الخامسة من الوصايا العشرة تُحرّم القتل -  لا تقتُل - مشيرةً إلى أنّ تنفيذ هذا الحكم يعني اقتراف خظيئة جسيمة جدًّا.

أمّا في ما يتعلّق بموقف الكنيسة، فـ"ليس هناك رأي واضح للكنيسة فيما يخصّ قانون الإعدام"، هذا ما أكّده الأب ميشال عبّود الكرمليّ في حديث لموقعنا، موضحًا أنّ "الكنيسة ترى أنّه يجب الدّفاع عن الحقّ العامّ بالطريقة الّتي يراها المسؤولون مناسبة"،  فتعليم الكنيسة التقليديّ رقم 2267 "لا يقصي اللّجوء إلى عقوبات الموت، متى تحدّدت تمامًا هويّة المذنب ومسؤوليته، وكانت هذه العقوبة الوسيلة الوحيدة لحماية الحياة البشريّة حمايةً فعّالة من أذى المعتدي الظالم.

ولكن إن كانت ثمة وسائل غير دمويّة كافية لردّ المعتدي، وحماية أمن الأشخاص، فعلى السّلطة أن تتمسّك بهذه الوسائل، لأنّ هذه الوسائل تتناسب بوجه أفضل وأوضاع الخير العامّ الواقعيّة، وتتوافق أكثر وكرامة الشّخص البشريّ.

ففي أيّامنا، بفضل القدرات الّتي تملكها الدّولة على قمع الإجرام قمعًا فعّالاً تجعل مرتكبه عاجزًا عن الإساءة، من دون أن تنزع منه نهائيًّا إمكانية التّوبة، فإنّ حالات الضرورة المطلقة لإزالة المذنب "هي من الآن فصاعدًا نادرةٌ جدًّا [...] إن لم نقل لا وجود لها البتة في الواقع.""

عقوبة الإعدام في لبنان سارية المفعول، والغاية الأساسيّة منها هي الرّدع، إلّا أنّ الدّراسات أثبتت أنّ هذه العقوبة لم تردع المُجرمين، فنسبة ارتكاب الجريمة أقلّ في البلاد الّتي لا تُطبّق هذه العقوبة.

تُعتبر عقوبة الإعدام من أفظع العقوبات، إن كانت شنقًا أو بالغاز أو بالحقن أو بالرّصاص، وقد حُكم حتّى أيّامنا هذه بالإعدام على مجرمين كثر، إلّا أنّه وعلى الرّغم من ذلك ما زالت نسبة الجرائم مرتفعة، فمن الواضح والأكيد أنّ حكم الإعدام ليس الحلّ الأنسب لمُعاقبة المُجرم وللأخذ بثأر الضّحيّة، وعلى الدّولة إتّخاذ التدابير والإجراءات اللّازمة لفرض القوانين والحدّ من تفلّت السّلاح و"الفلتان الأمنيّ".