دينيّة
15 كانون الثاني 2023, 08:00

خاصّ- الأب نصر: كم نحن بحاجة إلى التّحديق إلى يسوع!

نورسات
"يمكننا تقسيم هذا الحدث إلى قسمين: الأوّل نرى شهادة يوحنّا المعمدان والثّاني الحوار الذي حصل بين يسوع والتّلاميذ وكيف أخبروا عن لقائهم لإخوتهم." بهذه المقدّمة اللّيتورجيّة استهلّ مسؤول مكتب الدّعوات في الرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الأب دومينيك نصر تأمّله باعتلان سرّ المسيح للرّسل بحسب إنجيل القدّيس يوحنّا (1/ 35-42) في الأسبوع الأوّل من زمن الدّنح.

وتابع: "يوحنّا المعمدان هو صورة الخادم الأمين، ليس من السّهل أبدًا أن يكون شخص بحجمه في حينه، هو الذي خاف منه هيرودوس وزوجة أخيه وقتلوه، أن يعرف أن دوره هو إظهار يسوع والتّمهيد لاتمام رسالته وتشجيع تلاميذه لكي يتبعوا يسوع. "فحدّق إليه وقال: هوذا حمل الله"، كم نحن بحاجة إلى التّحديق إلى يسوع، أيّ أن ننظر إلى عمقه، عمق حبّه لنا، وندلّ الآخرين على أنّه هو حمل الله الحامل خطايا العالم، فادينا والذي اشترانا بدمه، الذّبيحة النّهائيّة المقبولة لدى الله لكي بدمه القدّوس يبيّض لنا حياتنا، ونسير معه نحو الملكوت.

من المميّز أيضًا حين نذهب إلى يسوع ونسأله "أين تقيم؟" ويجيبنا الرّبّ "تعاليا وانظرا".

لماذا لم يذكر إلّا تلميذ واحد؟ لكي يبقى هناك مجال أن يكون كلّ فرد منّا هو التّلميذ الذي التقى بيسوع.

إلى أين ذهبا وعن ماذا تكلّما؟ لا نعرف، يوحنّا الإنجيلي لم يخبرنا بقصد، كي يقوم كلّ واحد منّا بهذه المسيرة وهذا اللّقاء الشّخصيّ والفريد. أندراوس أحد التّلميذين ذهب بعد اللّقاء مباشرةً ليخبر أخيه سمعان (بطرس) قائلًا: لقد وجدنا المسيح!

المثير للاهتمام أنّ الرّبّ يسوع جذب التّلميذين وقد اكتشفا أنّه المسيح بمجرّد مكوثهما معه ليوم واحد، قبل الأعاجيب والتّعاليم الكبيرة والعميقة اكتشفا يسوع أنّه المسيح المنتظر، أنّه يدهشهما ولم يستطع أندراوس إلّا أن يأتي مسرعًا ويخبر أخاه.

ينظر يسوع إلى عمق داخل سمعان ويدعوه كي يصبح الصّخرة الذي سوف يبني بيعته عليها. بطرس الرّجل المتسرّع المندفع، المتهوّر في بعض الأحيان، الشّخص الوحيد الذي قال له الرّبّ: "أبعد عنّي يا شيطان ..." يُحدّق به ويقول أنت الصّخرة.

الله لا ينظر بواسطة نظّاراتنا المشوّهة بالعاهات والنّقص والضّعف، بل من خلال نظّاراته الكاملة، الصّورة الجميلة التي خلقها فينا. يعرف أنّه سوف يتسرّع وينفعل وحتّى يخونه ولكن يعلم أيضًا أنّه سوف يرجع ويشجّع إخوته ويقويّهم."

وإختتم الأب نصر تأمّله مصلّيًا: "يا ربّ، علّمنا كيف نحدّق بك ونرى حبّك اللّامتناهي ورحمتك وعملك الخلاصيّ في حياتنا. تدعونا إلى المكوث معك فتكون الضّيف وصاحب الدّعوة، وننسى الوقت معك ولا نشبع من التّكلّم معك، فنصبح رسل لكلّ من نلتقي به وندعوه لكي يختبر ما اختبرناه معك. فتحدّق فينا فلا تنظر إلى ضعفنا وعاهاتنا بل إلى ما خلقته فينا. تدعونا كي نسترجع ما شوّهته الخطيئة، ألا وهو صورتك ومثالك، فنصبح الصّخرة التي تبني عليها بيعتك. آمين.".