خاصّ- الأب عبدالله: الحبّ الأبويّ يتفهّم ضعف أبنائه
وتابع: "إنّ الإبن الأصغر في ضلاله، أعلن موت أبيه وهو حيّ يُرزق، فالمطالبة بالحصّة من الميراث لم تكن مقبولة عند اليهود إذا كان الوالد حيًّا. ولكنّه لم يكتف بقتل والده، بل استغلّ محبّة الأب اللّامتناهية وبذّر في حياة الخطيئة جنى عمره سدًا.
أمّا الإبن الأكبر فقد كان ضائعًا في أنانيّته وغيرته، غارقًا في أفكاره وأحلامه الخاصّة، فبقاؤه لم يكن احترامًا وحبًّا للأب، بل رغبةً بالحصول على مكافأة لما يقوم به. هو أيضًا كان ابنًا ضالًّا، وقد شطر أخاه من معادلة الرّحمة والمغفرة.
إذًا يمكننا أن نرى أنّ الابن الأصغر والإبن الأكبر قد أخفقا في مكان ما، وهذا المكان هو حقيقة قلب الأب الحنون والمحبّ الذي أعطاهما الحرّيّة المطلقة ليعيشا في قلبه، ولم ينضجا كفاية في الحبّ لمعرفة حقيقة حبّ الأب ومدرسته في الحرّيّة والكرم والإيمان والمبادئ، الذي أنشأه ليكون سقفًا وسورًا للبيت الذي ترعرعا فيه.
في ختام النّصّ لا يمكن أن تبقى أنظارنا مشدودة لتوبة الإبن الأصغر ولا لرفض الإبن الأكبر عودة أخيه، بل تظهر في النّهاية جليّة أنّ ركن النّصّ الأساسيّ هو الأب ولا أحد سوى الأب، فالنّصّ لا يتمحور حول الإبن الضّال، ولا حول الإبن الأنانيّ، ولكن حول الحبّ الأبويّ الذي يتفهّم ضعف أبنائه رغم أنّهم "لا يدرون ماذا يفعلون"، ويخلّصهم بحبّه ورحمته إذا ما عادوا وتواصلوا معه تائبين."
وإختتم الأب عبدالله تأمّله الرّوحيّ قائلًا: "قد لا نخطأ إذا أسمينا النّصّ: "حبّ الآب" بدلًا من "الإبن الشّاطر" ولكن نحن لا نرى إلّا من نافذة ضعفنا، وكلّنا ضالّين وخاطئين وشاطرين لهذا الحبّ الأكمل، لذا علينا اليوم، أن نحوّل أنظارنا عن ضعفنا نحو حبّه العظيم، فهناك مرآة لحقيقتنا، وهناك المنزل السّماويّ الذي نفتقده في عزلتنا وظلمتنا وفي قسوة الحياة وغبارها، فهناك يدان مفتوحتان لتضمّنا وتقولان لنا: "فلنفرح لأنّكم كنتم مائتين والآن أنتم أحياء في الملكوت الحقيقيّ، حيث كلّ ما لي هو لكم...".