خاصّ- الأب بو راجل: هل نؤمن حقًّا بحضور الرّبّ معنا؟
وتابع: "البشرى المفرحة بقيامة الرّبّ التي يذيعها بعض التّلاميذ والنّسوة ينقصها التّأكّد عند البعض الآخر. فإذا كان الرّبّ قد قام فأين هو؟ ولماذا لا يظهر للتّلاميذ مجتمعين؟
وها هو يسوع يحضر بين التّلاميذ ويبادرهم بالسّلام ويدعوهم إلى الطّمأنينة وعدم الخوف. فهو ذاته القائم من الموت حاضر معهم. هكذا يحضر الرّبّ أيضًا سرّيًّا كلّ مرّة يجتمع فيها التّلاميذ وتجتمع فيها الكنيسة ليعيّدوا لذكرى آلامه وموته وقيامته في الإفخارستيّا. هذا الحضور السّرّيّ هو الذي يقوّي إيمان الكنيسة ويدفعها إلى تحدّي جميع الصّعوبات والاضطهادات التي تتعرّض لها."
وأكمل سائلًا: "هل نؤمن حقًّا بحضور الرّبّ معنا، وبنوع خاصّ عندما نحتفل بالإفخارستيّا؟ وهل نُقبل إلى الكنيسة بفرح لنتلقّى بشرى القيامة وننقلها بدورنا إلى مجتمعنا وإلى من هم حولنا؟". ليجيب: "بالقيامة تحوّل جسد يسوع من الحالة البشريّة أيّ لحم ودم إلى الحالة الطّوباويّة، ممّا يسمح ليسوع بأن يخترق "الأبواب الموصدة والجدران ويختصر المسافات الشّاسعة ليحضر حيث يريد."
وأضاف: "هكذا كان يظهر لتلاميذه بعد القيامة. هذا التّحوّل الذي أحدثته القيامة لم يمنع الرّبّ يسوع من أن يحتفظ ببصمات الآلام التي عاناها وبآثار المسامير في يديه ورجليه. هذه البصمات هي العلامة الفارقة التي تميّزه عن سواه وتشهد بأنّ الذي تألّم وصُلب ومات ودُفن هو نفسه الذي قام منتصرًا على الموت. لذلك نرى يسوع يكشف عن يديه ورجليه ويدعو التّلاميذ ليؤمنوا بأنّه هو نفسه، وليس خيالاً أو روحًا، الحاضر بينهم.
إنّ مجد القيامة لم يُزِل بصمات الآلام التي ستبقى شاهدة إلى الأبد على حبّ يسوع. هذه البصمات الشّاهدة على حبّه الأبديّ لنا من شأنها أن تفتح قلوب التّلاميذ ليؤمنوا بقدرة الحبّ وليدركوا أنّ التّضحية والألم والموت ليست إلاّ وجهًا آخر للمجد. فالقيامة تحتوي الموت والصّليب ولا تزيلهما بل تضفي عليهما هالة المجد الإلهيّ.
هكذا نحن مدعوُّون لنقرأ آلامنا ومعاناتنا على ضوء إيماننا بالقائم من الموت. لأن قيامة الرّبّ هي رهانٌ ساطع على قيامتنا نحن أيضًا. وما أحدثته القيامة من تحوّل في يسوع ستحدثه فينا أيضًا. وكلّ ما نعانيه الآن بسبب حبّنا لله ولإخوتنا البشر ستبقى بصماته فينا وستكون العلامة الفارقة بالنّسبة لنا، كما كانت بصمات الآلام علامات فارقة بالنّسبة ليسوع."
وإختتم الأب بو راجل شرحه قائلًا: "يدعونا إنجيل اليوم إلى الإيمان بقيامة الرّبّ الحاضر أبدًا في كنيسته وبخاصّة في الإفخارستيّا، وإلى حمل هذه البشرى إلى كلّ إنسان نلتقي به، وإلى حمل آلامنا في هذه الحياة ونظرنا متّجه نحو القيامة. آمين".