ثقافة ومجتمع
12 آذار 2017, 14:00

خاصّ- "أنا ما كان لازم عيش، بس الله والعذراء ومار شربل ساعدوني"

تمارا شقير
هو ابن السّادسة والعشرين، صاحب الوجه البشوش والقلب الطّيب، المحبّ والحنون، القوّي والمثابر.. هو جورج دياب الّذي تلمع عيناه السّوداوان إيمانًا وسلامًا، والّذي ينشر طاقة إيجابيّة حيث ما وجد.

 

يعاني جورج منذ صغره من مرض "Spina Bifida" أيّ السّنسنة المشقوقة، وهو عبارة عن تشّوه خلقيّ يظهر في مرحلة تكوّن الجنين. ولكن على الرّغم من مرضه الّذي أقعده، يعيش جورج حياته بشكل طبيعيّ، فيعمل، يمارس هواياته، ويسافر.. ولهذا، اختاره موقع "نورنيوز" ليكون مثالاً للإرادة الصّلبة.

عاش جورج في حياته أيّامًا صعبة، فخضع طوال 15 عامًا لعمليّات جراحيّة عديدة ولعلاجات كثيرة، ولكن بمساندة أهله وبإيمانه القويّ، تمكّن من التّغلّب على دائه، هو الّذي توقّع الأطبّاء وفاته في أشهره الأولى، يعيش اليوم، بعد 26 عامًا، حياةً مليئة بالفرح والعطاء.

"أنا ما كان لازم عيش، بس الله والعذراء ومار شربل ساعدوني، هنّي بدّون ياني عيش"، بهذه الكلمات فسّر جورج سبب بقائه على قيد الحياة، لافتًا إلى أنّه مرّ بمرحلة فقد فيها إيمانه وشعر أنّ "الله والعذراء تركوني"، ليعي من بعدها أنّهما وقفا إلى جانبه منذ ولادته ولم يتركاه يومًا.

يُصلّي جورج بخشوع كبير وإيمان قوّي للعذراء مريم والقدّيسين، ولا يكفّ يشكرهم على نعمهم، فيقول "بحس العذراء إميّ، ولمّا بزور مار شربل بشعر براحة نفسيّة وبسلام داخليّ كتير كبير"... هي كلمات نابعة من قلب جورج الطّاهر الّذي لا يعرف أن يؤذي الآخر أو يجرحه..  فهكذا هو جورح، عفويّ، ومحبّ وودود، وقد تخطّى مشاكل كثيرة تركت آثارًا فيه من خلال متابعته علاجًا نفسيًّا.

مرض جورج لم يقف عائقًا أمامه، وعلى الرّغم من تهميش المجتمع له، ومن حرمانه استكمال دراسته كونه مقعدًا، يعمل جورج اليوم كموظّف استقبال في مؤسّسة ألبير نصّار الخيريّة، وهو منذ 3 أشهر متطوّع في جمعيّة ""Ordre de Malte الّتي تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصّة.

تطوّع جورج في هذه الجمعيّة جعله يعيش أجمل فترة في حياته، فيعتبر أنّ رسالته هي مساعدة "الملائكة" أيّ ذوي الاحتياجات الخاصّة، مشيرًا إلى أنّه يكتفي بخدمتهم وبرسم البسمة على وجوههم ليشعر بفرح كبير يُشعل قلبه محبّة ورجاء.

من جهة أخرى، نقل جورج إلى موقعنا معاناته من مشكلة التّنقّل مؤكّدًا أنّ وسائل النّقل الخاصّة بهم غير متوفّرة في لبنان، وأخبرنا بأنّه في إحدى المرّات اضطرّ إلى صعود الدّرج بنفسه، إلّا أنّه تعثّر ولم يساعده أحدًا.. أليمةٌ هي هذه الحالة ومأساويّة، فما العيب في مساعدة الآخر، وهل كونه مقعدًا يجعله مختلفًا عنّا، ويمنعنا من مساعدته؟

لا يكفّ المجتمع عن تهميش المقعدين وذوي الاحتياجات الخاصّة باعتبارهم مختلفين، ولكن جورج دياب بإيمانه القوّي تخطّى كلّ الصّعاب، واجه المجتمع وبرهن أنّ داءه لا يفرّقه عن غيره، فها هو بكامل قواه العقليّة يعمل ويعيش حياته بشكل طبيعيّ، فلنتمثّل به جميعًا، ونتحلّى  يإيمان قويّ وبإرادة صلبة للتغلّب على كلّ ضعف.