دينيّة
07 نيسان 2019, 07:00

خاصّ - أنا الشّحّاذ على قارعة الحياة... أحسد هذا الأعمى!

غلوريا بو خليل
"إنّه أحد الأعمى وأسبوع الشّعانين بحسب التّرتيب اللّيتورجيّ المارونيّ، وفيه يدعونا القدّيس مرقس البشير (مر 10/ 46 - 52) إلى وقفة استغفاريّة من الرّبّ ليسامح كلّ منّا على حسده من الأعمى." بهذه الكلمات استهلّ كاهن رعيّة مار سمعان العموديّ في القليعات الخوري يوسف مبارك تأمّله الخاصّ بإنجيل هذا الأحد لموقع "نورنيوز" الإخباريّ، واضعًا نفسه في حضرة الله وأكمل قائلًا:

 

"يا يسوع ابن داود ارحمني لأنّني أحسد هذا الأعمى، ليس على حالته المذرية - حيث يعيش على قارعة الطّريق بالغبار والشّمس لا يعرف مّن يمرّ عليه أو من يدهسه - بل على نعمة البصيرة التي من خلالها اعتَرَفَ بك بإيمان أنّك أنت يسوع، لمّا سمع عنك وأحسّ بمرورك على طريق حياته، وأنّك الذي تخلّص الشّعب من خطاياه، والملك الحقيقيّ والخالق الذي يلد الإنسان من جديد، لأنّك ترحمه فتأخذه من رحم وأحشاء محبّتك وخلقك! إعترفَ بهذه الحقيقة لمجرّد سماعه عنك ببصيرته وضميره وقلبه وإيمانه، فتفتّحت بصيرته قبل بصره.

أستغفرك أنا صاحب العينين، فأنا أرى ولا أرى ولي أذنان أسمع بهما ولا أسمع لأنّني رأيتك بحقيقتك في الافخارستيّا بآياتك وأعاجيبك وأعمالك العظيمة وإبداعك وإعجازك الرّائع الذي يعجز عنه أيّ مخلوق.

أستغفرك أنا الذي أسمعك بكتبك المقدّسة أو عندما أقرأها وأتأمّل بها بالرّغم من أنّ لي عينين ولا أراك ولي أذنين فلا أسمعك.

أستغفرك يا يسوع ابن داود ارحمني واتنشلني من عمى القلب. أطلب منك في هذا الأحد المبارك لترحم عيالنا ومجتمعنا المعميّ عن الحقيقة والإيمان وعدم الجرأة ليقول عنك أنّك نور العالم، نور الأبرار الذي أشرق من حضن الآب لينير ديجور حياتنا.

أصلّي ليكون لنا، نحن جماعة المؤمنين، الجرأة لنعترف أنّنا "ظلمة" وبكلّ تواضع من دون الرّبّ لا نستنير، وبدون كلمته، نور خطانا، لا نعرف طريق الحقّ، هذه الكلمة التي تُجنّبنا طرقات الضّلال المؤدّية إلى الاستعطاء والذّلّ...

لكن عندما نعرف يسوع النّور والحقّ والحياة سيكون لنا فرح الأعمى فنتخلّى عن كلّ شيء يُغلّفنا كعباءته.

لذا نسألك يا يسوع أن تعطينا روح التّخلّص من كلّ ما يأسرنا من كذب وبخل وقلّة بُعد بالتّفكير... خلّصنا من كلّ شيء يغلّفنا، من الأنانيّات والسّياسيّات والإيديولوجيّات الضّيّقة الّتي تحدّنا وتوهمنا أنّنا محور الكون، في حين نحن لسنا سوى شحّاذين على قارعة الحياة! نطلب أن يكون لنا قوّة التّخلّي عن الخطيئة بروح الرّجاء والإيمان برحمته.

أنت وحدك تعرف حاجاتنا ولكنّك تريد أن تسمع منّا ماذا نريد، وماذا نريد أن تصنع لنا."

 

ودعا الخوري مبارك الجميع في هذا الأحد المقدّس إلى "الإفصاح عن وجعنا بجرأة وإيمان، طالبين من الرّبّ الشّفاء"، معلّلًا سبب وجع كلّ منّا قائلًا: "أنت موجوع لأنّك أعمى بالخيانة، فاطلب نور الأمانة. أنت موجوع لأنّك أعمى بالحقد، فاطلب نور المغفرة والاعتذار والتّسامح."

 

وأنهى كاهن رعيّة مار سمعان العموديّ تأمّله قائلًا: "نعم أتمنّى أن أقع بخطيئة حسد الأعمى لأنّها نعمة وليست مجرّد حسد بشريّ عاديّ، إنّما هي قدوة ومثال".