دينيّة
11 نيسان 2016, 05:45

حسين دعسة يكتب القبر المقدس.. قلب المقدسات المسيحية في العالم

عشرات الشواهد والمخطوطات الدينية العربية والعالمية تشير الى «إن القبر المقدس بكنيسة القيامة في فلسطين هو «قلب المقدسات المسيحية في العالم» وهو جوهر الايمان ببشارة السيد المسيح ورسالته، وأن الكنيسة الارثوذكسية ام الكنائس ارتأت ان تقوم بعملية ترميم القبر المقدس حفاظا على هذا المكان للأجيال القادمة».

 

 
الديوان الملكي الهاشمي ابلغ البطريركية الأورشليمية في القدس بمكرمة الملك عبدالله الثاني ، وعلى نفقته الخاصة، لترميم القبر المقدس–قبر السيد المسيح–في كنيسة القيامة بالقدس برسالة خطية أرسلت إلى غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال الأردن وفلسطين.
بنيت كنيسة القيامة فوق الجلجلة وهي مكان الصخرة التي يعتقد ان المسيح صلب عليها.
وتعتبر أقدس الكنائس المسيحية والأكثر أهمية في العالم المسيحي وتحتوي الكنيسة على المكان الذي دفن فيه المسيح واسمه القبر المقدس.
و سُمّيت كنيسة القيامة ، نسبة إلى قيامة يسوع من بين الأموات في اليوم الثالث من الأحداث التي ادت إلى موته على الصليب.
كان موقع صلب يسوع ودفنه مكرّمين دون انقطاع منذ أوائل الزمان من قبل الجماعة المسيحية المقيمة في القدس.
كان موت السيد المسيح -يسوع–موضوعا للتأمّلات منذ أوّل الأزمان، وسرعان مابرزت الكتابات التي حاولت إظهار كيف أن هذا الموت حقّق الفداء للعالم، أجمع من هذه الكتابات «مغارة الكنوز» و«صراع آدم» و«إنجيل برتلماوس» وغيرها.
وجُعلت الجلجلة في مركز هذه القصص ووضعوا هناك آدم أيضا وحياة التوبة التي عاشها بعد إخراجه من الجنة ومن ثمّ موته.
وفي زمان عقد المجمع المسكوني الأول (نيقيا 325) دعا أسقف القدس مكاريوس الإمبراطور قسطنطين إلى تدمير الهيكل الوثني في المدينة المقدسة للبحث عن قبر المسيح.
وهكذا فإن الهيكل الذي كان يهدف إلى القضاء على موقع القبر أدّى في حقيقة الأمر إلى الحفاظ عليه، ولم يبن قسطنطين شيئا فوق الجلجلة.
في القرن الثامن فقط تمّ بناء كنيسة سميت كنيسة الجلجلة، أمّا القبر المقدس فنظف من الأتربة وبنى قسطنطين فوقه بازيليك القيامة وقد باشرت الأعمال أمه القديسة هيلانة.
وبحسب المصادر التاريخية فإن الغزو الفارسي عام 614 اضر كثيرا بالأماكن المقدسة التي أعاد موديستو الناسك والذي صار فيما بعد بطريركا للقدس إصلاحها وترميمها.
يذكر أركولفو الذي زار القدس عام 670، أي بعد دخول العرب إلى المدينة، كيف أن الحجر الذي سدّ به باب القبر قد تحطم أجزاء كثيرة إثر الغزو الفارسي.
وقد بنيت فوق الجلجة كنيسة وكرست المغارة تحت الجلجلة لآدم وراح يصور لنا بتعابيره الرائعة كيف مدّد إبراهيم ابنه اسحق على خشبة ليذبحه تقدمة للرب.
لم يمس الفتح الإسلامي عام 638م القبر المقدس بسوء وتمتع المسيحيون بالحرية الدينية التي كانت تتخللها بعض أعمال العنف، وقد أعطى لهم خليفة المسلمين عمر بن الخطاب عهدة المسلمين المشهورة العهدة العمرية عند فتح القدس، وصلى بجانب الكنيسة، وبني مكان صلاته مسجد عمر.
للعائلة الهاشمية، وعبر التاريخ، دور فريد وبصمة واضحة في الحفاظ على المقدسات المسيحية شأنها شأن المقدسات الإسلامية في القدس والأراضي المحتلة، الذي يعد الداعم لكل الكنائس في الأراضي المقدسة، وسند واضح لكل المسيحيين في الشرق.
في كانون أول عام 1994 اتفق رؤساء الطوائف الدينية المسيحية الثلاث على القيام بأعمال الترميم في القبة التي فوق القبر المقدس.
أعدّ التصاميم الفنان الأمريكي آرا نورمارت، وقد تولّت «البعثة البابوية في سبيل فلسطين» الإشراف على الأعمال حيث حازت على ثقة الطوائف الثلاث بفضل عدم محاباتها للجميع.
في صدر الكنيسة تمثل لوحة فسيفسائية مشهد الصلب. و حول النافذة نجد فسيفساء تمثل ذبيحة اسحق ويفصل هذه الكنيسة عن الجلجلة هيكل صغير للعذراء أم الأوجاع وعمودان ضخمان.
ومن يصل منتصف المشهد يرى «حجر الطيب» الذي يبدو للنازل من كنيسة الجلجلة عن طريق الدرج المقابل.
وعند الكنيسة إلى اليسار يوجد حجر من الجير الأحمر مزين بالشمعدانات والمصابيح.
هذا الحجر مقام لذكرى ما ورد في إنجيل يوحنا بعد موت المسيح.
ونحو الفسيفساء الضخم على الواجهة يوجد سلّم صغير يؤدي إلى دير الأرمن وهناك قبّة صغيرة تغطي حجرا مستديرا هو حجر المريمات الثلاث الذي أقيم لذكرى المريمات اللواتي ساعدن يسوع المحتضر. بحسب انجيل متى ٢٧، ٥٥.
إلى اليمين بين عمودين ضخمين هناك قبة القبر المقدس وتُدعى (ANASTASI). بناؤها الأساسي يعود إلى حقبة قسطنطين وتعرضت على مر الأجيال للعديد من أعمال الترميم. انتهى العمل في ترميم القبة فوق القبر عام 1997.
ويقوم القبر في منتصف البناء تزينه الشمعدانات الضخمة.
دمرت القبة بسبب حريق شب عام 1808 وأعاد الروم بناءه عام 1810. حيث موقع المرحلة الرابعة عشرة من مراحل درب الصليب حيث وضع يسوع في القبر.
ينقسم البناء من الداخل إلى غرفتين، الغرفة الخارجية عبارة عن دهليز لإعداد الميت ويقال لها كنيسة الملاك.
أما المدخل الصغير المغطّى بالرخام فهو الباب الحقيقي للقبر الأصلي والذي تمّ إغلاقه بحجر إثر موت المسيح كما يقول الإنجيل.
اما قبر المسيح من الداخل فنجد باحة هي موقع كنيسة ودير الآباء الفرنسيسكان. الهيكل الذي في ظهر العمود مقابل كرسي الاعتراف يحيي ذكرى ظهور القائم للمجدلية.
أما في الواجهة فهناك بابا برونزيا يؤدي إلى كنيسة القربان الأقدس والتي تحيي ذكرى ظهور يسوع الفصحي للعذراء مريم.
في الجهة اليمنى نجد عمودا في الحائط يعتقد أنه جزء من العمود الذي جلد عليه يسوع.
تبرع جلالة الملك لترميم القبر المقدس – قبر السيد المسيح – في كنيسة القيامة ، يعيد ألق الحياة الدينية المسيحية في سائر الاردن وفلسطين وبلاد الشام والعالم ،ويرعى بذور المحبة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين والتي نجني ثمارها في هذا الزمن، الذي باتت به الحروب الطائفية نارا توقد فتحرق ونحتاج الى من يطفئها.