ثقافة ومجتمع
04 نيسان 2017, 08:07

جمع ثروة من النّفايات فلمن تبرّع بها؟

ريتا كرم
"كنتُ في الثّامنة عشرة عندما زرتُ مركزًا للأطفال تعلّق بي من بينهم ثلاثة صبية وطلبوا منّي أن أتبنّاهم"، خبرة تسمّرت في ذاكرة جوني جينيغز (86 عامًا) وبدّلت حياته، إذ غادر يومها المركز وقلبه يترنّح بحبّ هؤلاء الأطفال الّذين قست عليهم الحياة وجعلت من ذاك المكان مسكنهم الوحيد. حادثة علّمت في وجدانه فبادر إلى التّحرّك والعمل من أجل خيرهم.

 

عمد جوني منذ سنة 1985 إلى البحث في النّفايات عن المواد الّتي يُعاد تدويرها، فاستطاع خلال 32 عامًا جمع 400 ألف دولار قدّمها إلى أطفال أحد المراكز الّذي يعتني بالأطفال الفقراء المتروكين. وهو اليوم يتابع رسالته الإنسانيّة ويعد أن يستمرّ بها حتّى يلفظ أنفاسه الأخيرة، كما ذكر موقع Infochretienne.com.

يفتح هذا الرّجل اليوم آفاقنا على الكرم والعطاء بسخاء، بخاصّة في هذا الزّمن المبارك، ويدعونا إلى التّخلّص من "الأنا" الّتي تكبّلنا وتبعدنا عن الآخر وتغمض أعيننا عن حاجته.

ماذا لو تشبّهنا بالله الّذي وهب الخليقة نعمة الوجود والحياة؟ كم كريم كان وسخيّ حين حبا كلّاً منّا عقلًا ولسانًا وقلبًا وحواسًا وجسدًا وصحّة...! كم معطاء هو هذا الأب الشّافي الّذي حين تقرع بابه يستجيب؟ هو لا يبخل بمحبّته على أحد. هو أمثولة حيّة أمامنا تنظر إلى عمل الإنسان ليس بحسب حجمه وإنّما بالكمّ من المشاعر والدّوافع المقرونة به.

في العطاء سعادة روحيّة لا تُثمّن وسرور مقدّس لا مثيل له؛ فيه نعم سماويّة وسلام وطمأنينة. فلنكن اليد البيضاء الممدودة دائمًا للآخر، تلك اليد الّتي لا تنتظر أن يأتي مشرّد أو جائع أو يتيم أو متألّم إليها حتّى تتأهّب للمساعدة. ليكن عطاؤنا مجّانيًّا متواضعًا ولا ينتظر مقابلاً.

في الصّوم هذا، لنكن كما يقول بولس الرّسول: "كفقراء ونحن نغني كثيرين. لا شيء لنا ونحن نملك كلّ شيء." (2 قور 6/10)