ثقافة ومجتمع
05 آب 2016, 11:00

تصنُّع لبنان.. لا صناعته

ماريلين صليبي
قلائل هم من يتفوّهون بشفافيّة مطلقة بالكلام الذي يراود أفكارهم وقلوبهم. قلائل هم أيضًا من يتصرّفون بحسب راحتهم، فبذلك تصنّع واضح في معظم الحالات.

 

التّصنّع هو التّكلّف والتّزيين، هو زخرفة الأمور وتنميقها بحيث تخرج عن الطَّبع والبساطة، والتّصنّع لا يقتصر على النّاس فقط، بل يطال لبنان أجمع، بكلّ ما فيه.

هي طبقة سياسيّة متصنّعة، يعد حكّامها بالإصلاحات والخدمات، يرفعون أصوات الشّعارات المعسولة العابثة، ولا من يطبّق أو يلتزم.

هم مواطنون متصنّعون، يتذمّرون باستمرار من هذه الوعود الفارغة ليعيدوا الكرّة في كلّ انتخابات ويختاروا المسؤولون نفسهم.

هي زراعة لبنانيّة متصنّعة، تُزرَع وتُسقَى في غير مواسمها، تُغذّى بالموادّ الكيمائيّة وتهتمّ بها الآلات، لتبتعد ثمارها عن رائحة التّراب الممزوج بعرق الفلّاح وعن عطر المحبّة والبركة.


هي سياحة متصنّعة، تقع عاجزة بين سطور عناوين لبنان العريضة: بلد الفصول الأربعة، بلد التّراث والأمل، بلد الجمال والخضار، في حين أنّ لبنان متفلّت أمنيًّا، أوضاعه غير مستقرّة، جماله مشوّه، طقسه متقلّب، وتراثه مخفيّ خلف استيراد تقاليد وعادات الغرب.

عن التّصنّع كلام كثير، إلّا أنّ في لبنان، الصّناعة وحدها هي المفقودة، فالإستيراد سيّد الموقف والتّصنّع المراد في هذا المجال غير متوفّر. 

هو إذًا لبنان المتصنّع ضحيّة تصنّع يلفّ القطاعات المتفلّتة، هو بلد السّياسة المتأرجحة بين السّلام والحرب، بلد التّصنّع بامتياز، لا الصّناعة والتّقدّم.