ثقافة ومجتمع
16 شباط 2016, 10:19

بين ترامب والبابا فرنسيس هجوم من طرف واحد

ريتا كرم
"لا تخافوا من المهاجرين ورحّبوا بهم" (البابا فرنسيس)، "يجب أن يرحلوا" (دونالد ترامب): عبارتان متناقضاتان تماماً تشيران إلى الفئة عينها، وهم المهاجرون المكسيكيّون في الولايات المتّحدة الأميركيّة. هذه الشّريحة الّتي يشنّ ضدّها اليوم المرشّح الجمهوريّ للرّئاسة الأميركيّة دونالد ترامب حرباً متطّرفة بحجّة إعادة العظمة إلى أميركا، كانت منذ أشهر محور حديث البابا فرنسيس في خطابه الشّهير في الكونغرس الأميركيّ حيث لاقى تصفيقاً حارّاً، يومها قال: "إنّ الولايات المتّحدة أسّسها المهاجرون وإنّ الكثير من المشرّعين ينحدرون من أسر مهاجرة.. ولا يجب أن ندير ظهورنا لهم، دعونا نتعامل معهم بنفس العاطفة والرّحمة الّتي نريد أن يتمّ التّعامل معنا بها. علينا تثقيف الأجيال بألّا ندير ظهرنا لجيراننا."

غير أنّ هاتين النّظريّتين المتعارضتين، تلفت النّظر اليوم إلى الهجوم الّذي يشنّه ترامب على البابا فرنسيس، فور علم الأوّل بنيّة الثّاني زيارة الحدود الشّماليّة المكسيكيّة غداً، حيث من المتوقّع أن يتوقّف أمام "جدار العار" للصّلاة على نيّة المهاجرين ولاجئي المكسيك وأمريكا الوسطى في مدينة "خواريز" الواقعة على الحدود مع مدينة "إلـ باسو" الأميركيّة. وعلى هذه الحدود الّتي يبلغ طولها ثلاثة آلاف كيلومتر، أعلن المرشّح الرّئاسيّ نيّته في بناء جدار على نفقة المكسيك، وطرد من يقيم منهم بطريقة غير شرعيّة في الولايات المتّحدة وعددهم 12 مليون شخص.

وأمام هذه المشهديّة، تبرز مواقف ترامب الموجّهة ضدّ الحبر الأعظم الّذي اختار أن ينأى بنفسه عن الجدالات السّياسيّة تجنّباً التّأثير على سباق الانتخابات الرّئاسيّة الأميركيّة. علماً أنّ الجمهوريّ اعتبر البابا "شخصيّة سياسيّة بامتياز" غير أنّه "لا يفهم حقيقة خطورة الحدود المفتوحة كتلك الّتي تفصلنا اليوم عن المكسيك (…) وأعتقد أنّ المكسيك تجرّه نحو الحدود لرغبتها بإبقاء الأمور على ما هي عليه الآن. يحصدون (أي المكسيكيّون) ثروةً في حين نخسر نحن (أيّ الأميركيّين)."

وقد أشارت استطلاعات للرّأي في الولايات المتّحدة الأميركيّة دعم بعض الكاثوليكيّين لوجهة نظر البابا بخصوص أزمة المهاجرين، في وقت تدعم غالبيّة منهم، وتبلغ 54%، رأي المرشّح الجمهوريّ في نفس القضيّة.

يذكر أنّها ليست المرّة الأولى الّتي ينتقد فيها ترامب البابا فرنسيس، بل في مناسبات أخرى، علّق على أفكاره المتعلّقة بالرّأسماليّة وتقاربه من الإسلام على الرّغم من قوله إنّه يحبّ البابا فرنسيس إذ يبدو له "رجلاً طيّباً".

وكان معهد "غالوب" للبحوث، الشّركة الاستشاريّة ومقرّها أميركا، قد نشر في كانون الأوّل 2015 تقريره السّنويّ عن الشّخصيّات المثيرة للإعجاب في العالم، وفيه تعادل ترامب الّذي عاد إلى القائمة لأوّل مرّة منذ عام 2011، والأب الأقدس بنسبة 5%.

إلى ذلك تبقى العيون شاخصة غداً على الحدود المكسيكيّة- الأميركيّة حيث من المتوقّع أن يقف البابا فرنسيس مصلّياً أمام "جدار العار" الّذي تعلو أصوات كثيرة تناهض إنشاءه، فهل يحمل السّابع عشر من شباط البشرى السّارّة للطّرفين؟