بين الإنجاز والجنازة.. رصاصة
فقد المجتمع اللّلبنانيّ كلّ رادع أخلاقيّ وقانونيّ وباتت أخبار القتل والموت وارتكاب الجرائم من يوميّات المواطنين، فبحسب الدّولية للمعلومات سقط 90 قتيلاً نتيجة السّلاح المتفلّت منذ بداية عام 2017 وحتّى شهر نيسان/ أبريل.
خرقت وحشيّة الزّعران والمجرمين الطّبيعة، فارتفعت أرقام الجرائم بشكل خياليّ وازداد عدد الضّحايا الّذين سقطوا في حوادث لا مُبرّر لها، حتّى بات "النّيسكافيه" عذرًا لارتكاب جريمة في وضح النّهار.
يُطلق النّار في لبنان عالـ"الرّايح والجايي" ابتهاجًا بـ"إنجازات عظيمة"، فإن احتفل ثنائيّ بعرسه، أو إن حاز أحد التّلاميذ على شهادة الامتحانات الرّسميّة، أو إن رُزقت عائلة بطفل جديد، يصدح صدى إطلاق النّار، وتتراقص على أنغامه الرّصاصات في السّماء مصوّبةً اتّجاجها نحو الأبرياء، فتخرق قلوبهم، تُطفئ نور حياتهم وتُشعل لهيب اللّوعة والحسرة.
من نال قسطه من إطلاق النّار فرحًا وابتهاجًا بهذه "الانجازات"، حرم أبرياء من حقّهم في العيش ونثر الحزن والغصّة، فما من فاجعة أكبر من خسارة أشخاص مقرّبين إلينا وما من حرقة قلب أقوى من فقدانهم.
يعتبر المجرمون أنّ إطلاق النّار هو بمثابة رجولة، ولكن أيّها "الرّجال المثقفون"، ألا تعتقدون أنّكم لو احتفلتم بإنجازاتكم بكلّ رقيّ واحترام لكنتم وفّرتم على أنفسكم حمل ذنب طيلة حياتكم؟ ألا تعتتقدون أنّكم لو أهديتم العروسين أو التّلميذ أو الطّفل هديةً قيّمة وامتنعتم عن إطلاق النّار، لكنتم استغنيتم عن إشعال النّار في قلوب حرقها الوجع وطغى عليها الألم؟
تخطّى الفلتان الأمنيّ الحدود، فكلّ يُغنّي على ليلاه: الرّصاص ينهش الضّحايا من دون ملاحقة قانونيّة، والغطاء السّياسيّ ينقذ المجرمين من كلّ اعتقال أو محاسبة، فإلى متى سيبقى لبنان على هذه الحالة وكم اسم سيُضاف على لائحة ضحايا السّلاح المتفلّت؟