الولاء للوطن أمن نفسي للفرد والشعب
الوطنية إنتماء وهوية الفرد والشعب
كلمة الوطنية المشتقة من الوطن تعني الإنتماء الحرّ الواعي لوطن وثقافة وحضارة، بحيث يصبح هذا الانتماء تعبيرًا عن هويّة وممثلاً للأبعاد المعنوية والوجودية والنفسية للفرد والشعب معًا.
أما الشعور الوطني فهو الذي يدفع الفرد للدفاع عن أرضه عند تعرضها لأي عدوان. لذا نقول بأن الشعور الوطني يحتّم على أبناء الوطن ليس إلغاء التناقضات الداخلية بل تجاوزها عند تعرّض الوطن للخطر.
حول كلمة الولاء للوطن
أما الولاء للوطن فتعبير عن طبيعة علاقة الإنسان بالمساحة الجغرافية (الأرض) التي تشكّل تاريخه وحضارته، والتي منها يستمد هويته وكرامته.. لذلك فالفرنسي فرنسي، والتونسي تونسي، والصيني صيني، واللبناني لبناني...
من هنا، فالولاء للوطن هو الهوية وأساس تحديد الكيان الوجودي والانتمائي لكل فرد. فعندما نسأل الصيني عن هويته لا يقول إنه بوذي مثلاً، بل يقول إنه صيني.. وإذا سألنا اللبناني عن هويته لن يقول إنه مسلم أو مسيحي أو درزي، بل سيقول إنه لبناني.
فهل حقق اللبنانيّ هذه الانتماء وحمل هذه الهوية الواحدة؟
يبدو أن الحرب الجديدة التي تهدّد لبنان، اليوم، استطاعت، رغم مخاطرها الكبيرة، أن تجعل من اللبناني لبنانيًا حقيقيًا بمعزل عن انتمائه الطائفي والحزبي، فتوحّد كل اللبنانيين حول مؤسسة واحدة هي المؤسسة العسكرية، داعمين الجيش حفاظًا على الوطن الواحد والكرامة الواحدة: الكرامة الوطنية اللبنانية..
فيكون علم النفس قد أصاب هدفه القائل بأن لكل خطر، مهما كان حجمه المهدّد، إيجابية حبّذا لو أبصرت النور قبل اقتراب الخطر..
إحذروا الحرب النفسية في الحروب
الحرب الدائرة اليوم تحتوي على الكثير من الأسلحة النفسية التي تتطلب دقةُ الوضع وخطورتُه التنبّه لها لأنها تطال الجيش، بالدرجة الأولى، لتتمكن من القضاء على معنوياته ومعنويات الشعب بغرض القضاء على الشعب والوطن.
هذه الحرب نفسية تكتيكية تقوم على:
ـ الاصطدام المباشر مع الجيش وفتح معارك على غير جبهة لإحداث البلبلة وإضعاف صفوف المقاتلين وتشتيت قدرات القيادة على التحكّم بسير العمليات العسكرية لإيقاع الكثير من القتلى وأسر ما يمكن أسره، ليصبحوا ورقة ضغط أساسية يحاولون من خلالها بث روح اليأس في صفوف الجيش والشعب معًا، ما يسهّل استسلام الجنود بحسب صانعي هذه الحرب ومنفّذيها..
ـ نشر أن العدو قوة لا تُقهر ومن غير المجدي مقاومته والتصدي له، لا سيّما بعدما أثبت قدراته في غير بلد.
ـ إضعاف الروح المعنوية للجيش من خلال العمل على إشعال فتيل الفتنة الخطابية السياسية منعًا لتوحيد الخطاب السياسي الذي يوحّد الشارع.
ـ العمل على إثارة النعرات الطائفية والعنصرية عملاً بمبدأ "فرّق تسُد" لفكّ اللحمة التي شكلت نسيجًا اجتماعيًا واحدًا من شأنه أن يدحر العدوّ.
ـ خلق فجوة نفسية بين الشعب والجيش وبين الشعب والجهات السياسية.
الإنتماء حاجة ضرورية لتوازن الإنسان النفسي
فهو يجعله يشعر بالروابط المشتركة بينه وبين أفراد عائلته وزملائه وأصدقائه ومجتمعه. أما الانتماء إلى الوطن فيجعله يتفانى في حب وطنه ويضحّي من أجله.. وهذا الانتماء الوطني الذي هو الهوية والجذور والتاريخ والحاضر والمستقبل، هو أيضًا ما يدفعه إلى المشاركة، من مكانه، في بناء وطنه، ليشعر بقيمته كفرد فاعل في المجتمع، فينمو إدراكه لحقوقه وواجباته، انطلاقا من أنّه لا حق بلا واجب، ما يجعلنا نفهم هذا الدعم الكبير للمؤسسة العسكرية من قبل أبناء الشعب الواحد، لأنها وحدها القادرة على جعل هذا الشعب يشعر بالاستقرار الوجودي بالرغم من الخطر المحدق والمهدد، وبالأمن النفسي الوجودي بالرغم من محاولات الكثيرين خلق الفجوة بين الشعب والجيش.