المسيحيون الذين شردتهم الدولة الإسلامية يرون أن هناك ثمرة لمعاناتهم
في إحدى الأيام وقفت رينا في الصف خارج الكنيسة في انتظار تسجيل عائلتها لتصبح مؤهلة للحصول على الغذاء و المساعدات الإنسانية الأخرى. رينا امرأة شابة في منتصف الثلاثينيات، متزوجة و أم لفتاتين تبلغان من العمر 3 و 5 أعوام. بعد مكوثها في البلاد لأسبوع واحد فقط كانت متلهفة لتحكي قصة رحلة عائلتها من بغداد إلى شمال العراق، وصولاً إلى أربيل بعد هجمات الدولة الإسلامية في صيف 2014، و من ثم إلى لبنان.
كانت رينا تعمل لحساب الحكومة العراقية كطبوغرافي. كان رؤساؤها “ينظرون إلينا نحن المسيحيين بشكل مختلف عن الموظفين المسلمين. كنا نشعر بالتمييز خلال حكم صدام حسين و بعده أيضاً”.
أخذت الدولة الإسلامية جواز سفر رينا و زوجها، لكن إحساسهم بالانتهاك كان أعمق من ذلك بكثير:”لقد غيرت الدولة الإسلامية أسماء مدننا. تاريخ الآشوريين يمحى. لقد فقدت بيتي و بيتي هو المكان الذي فيه كل تقاليدي، و هو المكان الذي صنعت فيه هويتي. لكن بيتي لم يعد ملكي، فقد أخذوه. إنه الآن للغرباء. علي إيجاد بيت آخر”. و أضافت:”إن الحل الوحيد الذي بقي لدينا هو الهجرة. علينا أن نجد بلداً آخر”. لكن هذا الطريق مغلق في وجه الكثير من المسيحيين.
رينا متشبثة بإيمانها أكثر من أي وقت مضى، و تقول:”كل ما نقوم به هو دفاع عن إيماننا المسيحي. رفضنا البقاء في العراق كي لا نهزم بالقوة و نجبر على دخول الإسلام. بقينا نصلي طوال طريقنا إلى لبنان. و يسوع لم يتركنا أبداً. لقد كان معنا – أرسلنا إلى لبنان”.
و عند سؤالها عن رسالة للمسيحيين في الغرب، قالت رينا:”عليهم مساعدتنا أكثر من هذا. إن المعيشة في لبنان مكلفة جداً و صعبة جداً. الكنيسة تفعل ما في وسعها لكن الدولة عاجزة”. و مع ذلك أرادت أن تخبر المسيحيين في كل مكان عن النعمة الخفية الكامنة وراء معاناة عائلتها:”تقووا في الإيمان. لا تفقدوا الأمل. نصلي كل يوم و هكذا نبقى على قيد الحياة. لقد قوّت هذه التجربة إيماننا. لقد أرتنا الدولة الإسلامية الوجه القبيح للإسلام – إلّا أن القتل الذي ارتكبوه و الفظائع الأخرى جعلتنا ندرك جمال إيماننا”.