ثقافة ومجتمع
13 تشرين الأول 2016, 07:18

الكنيسة تواجه الإعدام، فمن يغلب؟

ريتا كرم
"لا شيء يمكن أن يبرّر استخدام عقوبة الإعدام، وإنّه لا توجد طريقة "صحيحة" لقتل شخص ما بطريقة إنسانيّة.. إنّها جريمة ضدّ حرمة الحياة والكرامة الإنسانيّة"، كلمات بين مئات الكلمات تعبّر عن موقف البابا فرنسيس المعارض لحكم الإعدام مهما كانت خطورة الجريمة المرتكبة؛ فالإعدام "لا ينصف الضّحيّة بل يؤجّج روح الثّأر... ويجبر الدّولة على القتل باسم العدالة"، وهذا ما أكّده رؤساء الكنيسة في مناسبات عديدة، وأطلق أساقفتها في بلدان كثيرة صرخات مناهضة لهذا الحكم، كان آخرها في تكساس حيث نادى مطارنتها من أجل إلغاء الإعدام ليس رفضًا للعدالة إنّما تأكيدًا على أنّ تنفيذه لا يحقّقها ولا يعزّي الضّحيّة وإنّما "يبطل قدرتنا على الرّحمة والحبّ"، بحسب ما ورد في تقرير نشره موقع وكالة الأخبار الكاثوليكيّة CNA، أظهر فيه موقف المطارنة الّذي يرون في تنفيذه تأثيرًا معنويًّا وثقافيًّا بخاصّة على الأطفال.

 

تكساس هي إحدى ولايات أميركا الّتي نُفّذ فيها أكبر عدد أحكام إعدام؛ فمنذ عام 1976، 538 محكومًا نال نصيبه من هذا الحكم، وتأتي من بعدها أوكلاهوما الّتي نفّذت 112 حكمًا منذ العام نفسه، وفق مركز معلومات عقوبات الإعدام.

هذه الحالة تقودنا إلى التّفكير العميق بهذا الحكم الّذي ربّما في الظّاهر يبدو ضروريًّا وإنّما بعيدًا كلّ البعد عن الأخلاقيّات، فهو انتهاك للحقّ بالحياة ولكرامة الإنسان. فهل يجوز أن نبادل الجرم بجرم أقبح؟ فمن نحن كي نضع حدًّا لحياة إنسان مهما كان ذنبه شنيعًا؟ أوَ لم يغفر الرّبّ نفسه للّصّ على الصّليب بالرّغم من فظاعة أعماله؟

فالفرصة الثّانية هي من حقّ كلّ امرء، لأنّ أبواب التّوبة مشرّعة لأكبر الخطأة فلا يجوز صدّهم أو رفضهم، بخاصّة وأنّ الكنيسة لا تترك أبناءها القابعين وراء القضبان والمعزولين عن العالم بين جدران السّجن، بل هي بجانبهم ترشدهم وتبشرّهم وتدعوهم إلى التّوبة؛ فالله خلق الإنسان، كلّ إنسان، على صورته ومثاله وفيه قبسٌ من روحه، وما من أحد يمتلك الحقّ بأن ينزعه منه لأيّ سبب من الأسباب.

إذًا، اليوم، مطلوب مبادرة شجاعة يقوم بها القادة في العالم لإلغاء عقوبة الإعدام في البلدان الّتي لا تزال تطبّقها، إنطلاقًا من وصيّة الله "لا تقتل"، وإيمانًا بأنّه لا عدالة من دون حياة ولا عقاب من دون أمل ورجاء.