ثقافة ومجتمع
12 آب 2016, 13:00

الكتابة... فنّ!

ريتا كرم
ورقة وريشة أو قلم، هذا جلّ ما يحتاجه خيالك ليخطّ أفكاراً تغلغلت في رأسك وسرحت في بالك وسكنت في قلبك. حرفٌ يجرّ حروفاً وكلمات، فتتكوّن جملاً تملأ صفحات فكتباً ودواوين؛ السّرّ في فنّ الكتابة.

 

هو فنّ نعم، فالكاتب ينحت الكلمة بقلمه، ويصوغها بحسب روحه وهواها، فتنساب تلك على الورق لتفعل فعلها في القارئ وتأخذه إلى ما وراء الحروف وتمرجحه بين السّطور ليقطف المعنى متمنّياً أن تطول الكلمات فلا يشبع من إبداع فكريّ أبداه الكاتب بانسياب وسلاسة.

وغالباً ما تتفجّر الكلمات من تجربة خاصّة، من أفكار تراكمت في داخله منذ أن استيقظ على هذه الدّنيا، فتترابط الحروف لتنتج عملاً يحمل توقيع كاتب متميّز وفنّان، كاتب يجيب على تساؤلات القارئ ويُشبع خياله ويهرب به إلى ما وراء الخيال، فتأتي كلماته لتبني أم لتهدم.

وفي المسيحيّة، كم كثيرون هم الكتّاب الّذين أبدعوا فنضحت أقلامهم زارعة أصول الإيمان في نفوس القرّاء، غارزة فيهم نفحة روحيّة سمت بهم عن كلّ الأرضيّات لتطرق وإيّاهم باب السّماء.

فمن الإنجيليّين الأربعة إلى الرّسل وآباء الكنيسة الأوائل وصولاً إلى القدّيسين فرؤساء الكنيسة عبر العصور، مسيرة لا تنتهي تحكي عن إلهامات ترجمها هؤلاء على الورق فكانت كنزاً للكنيسة وأبنائها.

ففي كتاباتهم عطر مقدّس يتنقّل عبيره من صفحة إلى أخرى، عبير يمحو الشّكوك ويداوي القلوب المكسورة ويبني أفكاراً تصدّعت وتشوّهت ويعبّد طريق الرّبّ بكلمات بسيطة تدخل إلى الصّميم آبية أن تخرج، فيخزّنها العقل ويعيشها القلب.

فكم جميل أن نعرّج بين الفينة والأخرى إلى تلك الكتابات فنرتوي من فنّ متقن تفانى صاحبه في العمل عليه.

وكم جميل أن يسخّر أصحاب الأقلام الحرّة كتاباتهم من أجل إظهار الحقّ من دون سواه، ونشر الحقيقة ولا شيء غيرها. فحبّذا لو نستوحي من إلهامات كتّابنا المخضرمين فنحوّل أوراقنا البيضاء إلى نتاجات فكريّة قيمتها لا تزول.