القدّيس شربل... لا مزودة ولا فائدة أو إنتاج
الصّلاة والعيش مع الله
بعد الموت تغيّر كلّ شيء، الإنتاج، الإفادة، صار لها معنى آخر. المنسيّ صار الحضور الطّاغي، المخفيّ صار البهاء المبهر العجائبيّ، غير المعروف صار هو المعروف وبه يُعرف وطنه، غير المشهور صار هو النّجم اللّامع، غير المفيد واللّانافع صار هو المنفعة ومنه تأتي الإفادة، صار هو المردود الاقتصاديّ. والنّفع الاجتماعيّ والخدمة الإنسانيّة، نبع تلبية الحاجات. الّذي لم يركض وراء النّاس، صار النّاس يركضون إليه، الّذي لا عائلة عنده ولا أولاد، صار ملجأ العائلة وحامي كلّ الأطفال. بعد موته، هو الّذي عاش في الظّل شَعَّ قبره، هو الّذي عاش في الصّمت ضجَّت به الدّنيا، وفاض نهر الأعاجيب. هو الّذي ما كان له موقع يسند إليه رأسه استند على عباءته النّاس بأوجاعهم وأمراضهم وتنهّداتهم. يا لعظمتك يا شربل، كيف قبلت منطق الأشياء؟!.
لم يؤسّس مؤسّسة اجتماعيّة لخدمة الإنسان، ولا لخدمة المرضى والمحتاجين والفقراء والمساكين والأيتام و"المعتّرين". ما هذه الحياة الّتي لا منفعة منها في نظر النّاس، ما هذه الحياة السّاهرة على راحتها تعيش بعيدة عن النّاس "فاضية البال" بدون أيّ همّ حياتيّ إنسانيّ واجتماعيّ، ولا همّ تنمويّ، خدماتيّ وثقافيّ، "نيّالو فاضي البال" ما عنده همّ!. لا عيال ولا أولاد. بعد الموت تغيّر كلّ شيء، الموت أعطى المعنى لكلّ الحياة. كلّ شيء صار له معنى. ظهرت المنفعة وانتشرت الإفادة. لم يخيّب أمل أحد. فاض شلاّل الخير والنّعم والشّفاء الإنسانيّ والرّوحيّ والجسديّ إلى أقاصي الدّنيا. أشرق نجمة، دون الصّمت وفاض نهر الخير والمنفعة.
صار مرجع النّاس، صار المستشفى والطّبيب والملجأ والمؤسّسة الاجتماعيّة. وبعد أن كان المنسيّ صار للكلّ، للمارونيّ وللرّوم والأرمن والدّروز والشّيعة والسّنّة وصار للأشوريّ والقبطيّ والكاثوليكيّ واللّاتينيّ والسّريانيّ! بعد أن كان المنسيّ البعيد، أضاء قبره الى أقاصي الدّنيا وأصبح ديره محجّة الكلّ وحياته القدوة، تعلّق النّاس بثوبه، فأصبحت قطعة من ثوبه ذخيرة الحماية والشّفاء. قطعة من ثوبه أو الزّيت عن قبره أو حبّة تراب كنزاً من كنوز الدّنيا.
صارت حياته الاقتصاد
الاقتصاد تغيّر، لولا مار شربل لما شُقّـت طرقات في بلاد جبيل، ولولا رفقا والحرديني لما شقّت طرقات في البترون. ولولاهم سويّة، لما تأسّست فنادق وشيّدت مطاعم ومقاه. أصبحت القداسة منبع الخير والنّموّ الاقتصاديّ والاجتماعيّ. لذلك أتجرّأ وأقول: إذا شئتم أن تغيّروا المجتمع فائتوا إليه بالقدّيسين، وليس بالسّياسيّين! هكذا حدث في لورد- فرنسا ومنطقتها مع برناديت سوبيرو، وتريزيا وليزيو وفرنسيس في أسيزي وجان ماري فاييه في آرس.
من اللّاشيء تفجّر كلّ شيء وكلّ الخير وكلّ المعاني والجمال، ومن الخسران ولد الرّبح الكبير، ومن سراج الزّيت فاض النّور والعجائب! زمن اللّافائدة هدر بحر الفائدة. وطلع المجد، مجد لبنان، من الإمّحاء والتّواضع. قلب شربل معنى الحياة ومنطقتها. الحضور هو حضور في يسوع وفي الله.
إحضروا في الله يحضر الله في قلوبكم وفي عيالكم وأوطانكم. أعطوا لبنان مجد القداسة، ليصبح لبنان أكثر من وطن، إنّه رسالة العالم ومن الوطن الصّغير "نرود الدّنيا نذري في كلّ شطّ قرانا نتحدّى الدّنيا شعوبًا وأمصارًا، ونبني نشأ لبنان".
شربل الزّعيم المسيحيّ
اليوم... أيّ قائد سنمشي وراءه، أيّ ثائر ومحوّل ومغيّر كلّ شيء؟ أنا اخترت لائحتي، أعرضها عليكم، هي: شربل ورفقا والحرديني. تعالوا معًا ننتخب القدّيسين، لنعطي للبنان، اقتصادًا وإنماء وروحانيّة.
معهم نجعل المستحيل ممكناً، ونقلب منطق الأشياء. البرّيّة تزهر، والخير والشّفاء والاقتصاد والإنماء يدفق كالأنهار. تعالوا نجعل في حياتنا من اللّاشيء كلّ شيء. ومن العادي أشياء غير عاديّة. هذه هي قداستنا ودعوتنا.
اليوم، ونحن في جوّ الانتخابات النّيابيّة، وكلّ حزب أو شخص أو مجموعة أو تيّار أو جبهة أو تكتّل يقدّم برنامجًا وتصوّرًا ومشروعًا. ويرسم آمالاً ومواعيدَ. أين شربل من كلّ هذا؟ كان برنامج شربل الصّمت والصّلاة، لقد غيّر قلوب النّاس واقتصادهم، ومرضهم. إنّه اليوم في لبنان الزّعيم والثّائر والمرجع والملجأ. لا أريد أن يفهم من كلامي هذا أن تبتعدوا عن التزاماتكم الوطنيّة ومسؤوليّاتكم السّياسيّة، بل أريد أن نؤسّس معًا في الثّابت والجوهريّ. وليس في العابر والمتحوّل! ليس فيما يأكله الزّمن والمتغيّر، بل في المبنيّ على الصّخر وليس على الرّمل.
الصّمت صار دوّياً، والامّحاء بهاء وشعاعًا، اللّاشيء صار كلّ شيء.
من منكم لم يصل لشربل، لأجل طفل، لأجل ابن، لأجل أم، لأجل أخ، لأجل أب أو أخت، لأجل قريب أو نسيب؟ صار شربل لكم ولي خصوصًا في هذا نجمة ميلاديّة، آمل أن تضيء بنعمتها بيوتكم وقلوبكم ورعيّتكم ووطنكم.